فتلخّص ممّا ذكر : أنّ القول بوجوب اعتبار المئونة من المال الآخر ضعيف مخالف لظواهر النصوص.
ولكن العبارة المحكية عن الأردبيلي ـ رحمهالله ـ غير مطلقة بالنسبة إلى المال الآخر ، بل قال في ما حكي (١) عنه : الظاهر أنّ اعتبار المئونة عن الأرباح إنّما هو على تقدير عدم غيرها ، فلو كان عنده ما يموّن به من الأموال التي تصرف في المئونة عادة ، فالظاهر عدم اعتبارها في ما فيه الخمس ، بل وكذا عن المحقق القمي : التصريح باختصاص الإشكال بالمال الآخر المستعدّ للصرف ، دون مثل رأس المال (٢).
فيحتمل أن يكون محطّ نظرهم ما كان من قبيل فواضل الأقوات أو الأطعمة والثياب المنتقلة إليه بإرث ونحوه ، وأنّه ما دام عنده من هذا القبيل من المال المعدّ للصرف في المئونة ليس له اعتبار مئونته في ما فيه الخمس ، لا بمعنى أنّ عليه أن يجعل جميع مئونته منه ولو كانت من غير جنسها ، بل بمعنى أنّ عليه أن يستغني بما عنده عن صرف الربح في مثله ، فإذا كان عنده مثلا حنطة معدّة للأكل لا للتجارة ، ليس له أن يضع من الربح بمقدار ما يصرفه منها في مئونته ، أو يدع هذه الحنطة ويشتري حنطة أخرى من الربح ، لا أنّه يجعل سائر مئونته منها ، فعلى هذا لا يخلو كلامهما عن وجه ؛ لإمكان أن يقال : إنّ حاله حينئذ حال من كان عنده دار سكنى منتقلة إليه بإرث ونحوه ، في أنّه لا يعدّ معها صرف الربح في شراء دار أخرى أو إجارتها من مئونته ، فليتأمّل.
وأمّا القول باعتبارها من المجموع فلم يتحقق قائله ولم يعرف له وجه
__________________
(١) كما في كتاب الخمس للشيخ الأنصاري : ٥٣٣.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الخمس : ٥٣٣.