الصنائع (١) ، بل كثيرا ما يفضل عندهم من ربح السنة السابقة ما يفي بمئونة السنة الجديدة بعد تخميسه ، وعلى تقدير التسليم فهو من باب غلبة الوجود ، فلا يوجب انصراف النصّ عنه.
لا يقال : إنّ مقتضى الجمود على ظاهر النصّ هو الالتزام بعدم تعلّق الخمس على من كان عنده ضيعة وتجارة ، أو صناعة لا يفضل ربح كلّ منهما عن مئونته ، ولكنه يفضل ربح المجموع فإنّه يصدق أنّ ربح ضيعته لا يفضل عن مئونته ، وكذا ربح تجارته مع أنّه يجب عليه الخمس بلا شبهة ، فهذا يكشف عن جري الأخبار مجرى الغالب من انحصار مأخذ المئونة في ما وقع السؤال عنه في الروايات.
لأنّا نقول : التعدّي عن مورد النص بتنقيح المناط ، والعلم بعدم مدخلية خصوصية المورد في الحكم ، وكون موضوع الحكم هو مطلق الربح المستفاد سواء كان من الضيعة أو التجارة أو غيرهما ، لا يقتضي إلغاء ظاهر النصّ من حيث الدلالة على اعتبار كون المئونة من الربح.
هذا ، مع أنّ المئونة لا تتعدّد ، فإذا دلّ الدليل على أنّه يجب على التاجر الخمس في ما يفضل من ربح تجارته عن مئونته ، وورد نصّ أيضا كذلك في من له ضيعة ، وتصادق العنوانان على مورد ـ كما هو المفروض ـ إن اعتبر مئونته في ربح تجارته ، يفضل الآخر عن مئونته ؛ إذ لا مئونة له بعد ، وإن اعتبرها في ما استفاده من ضيعته ، يفضل ربح تجارته ، وإن اعتبرها في المجموع يفضل بعض من كلّ منهما ، فما يفضل عنده يندرج في الموضوع الذي يتعلّق به الخمس على أيّ تقدير ، وهذا بخلاف ما لو كان عنده مال آخر لا يتعلّق به الخمس ، كما لا يخفى.
__________________
(١) في النسخة الخطية : الضياع.