الشخص الذي وردت الرواية فيه لو لم يكن أصابه مال حلال خلطه بغيره في تلك المدة فلا أقلّ من خلط بعض ما اكتسبه من الحرام ببعض بحيث لم يبق أعيان أموال من يعرفه منهم متميّزة عمّا لا يعرف صاحبه ، فيتأتّى حينئذ إشكال التعيين ، كما لا يخفى ، بل مقتضى إطلاق ما ورد في المتميّز : عدم الفرق بين بقائه على صفة التمييز أو امتزاجه أو اشتباهه بغيره من أمواله ، غاية الأمر أنّ عليه حينئذ الاحتياط في مقام العمل لو لم تنفه قاعدة نفي الحرج ونحوه ، كما لا يخفى.
لا يقال : إطلاق تلك الأخبار إنّما يقتضي جواز التصدّق بعينه أو ثمنه لو عرضه الاختلاط بعد أن جهل صاحبه دون ما إذا امتزج أوّلا ، ثم جهل صاحبه ، كما هو الغالب في ما ورد فيه أخبار الخمس ، فيمكن الفرق بينهما بصيرورة الأوّل بواسطة تنجّز التكليف بالتصدّق به لدى الجهل بصاحبه بمنزلة معلوم الصاحب كمال الزكاة والخمس ، بخلاف الثاني.
لأنّا نقول : الأمر تعلّق بالتصدّق به بعنوان كونه مال الغير ، مع أنّه ليس إلّا من باب الترخيص ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا في كلام شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ، فلا يجعله بالفعل ملكا للفقراء ، كالزكاة والخمس حتى يصير بمنزلة معلوم الصاحب.
وثانيا : سلّمنا أنّ أخبار التصدّق قاصرة عن إفادته بالنسبة إلى صورة الامتزاج ، ولكن أخبار الخمس أيضا كذلك بالنسبة إلى مثل الفرض ؛ فإنّ صورة العلم بمقدار الحرام تفصيلا خارجة عن منصرفها جزما.
نعم ، خبر ابن مروان (١) مطلق ، ولكن إطلاقه وارد مورد حكم آخر ، فلا يفهم منه إلّا ثبوت الخمس في الحلال المختلط بالحرام على سبيل
__________________
(١) تقدّم الخبر في صفحة ١٥٦.