النصوص المتضمّنة لوجوب الخمس في المعادن من غير تفصيل ، وإعراضهم عن النص المزبور مع صحّته ، وصراحته في نفي وجوب شيء عليه ما لم يبلغ النصاب ، ووضوح عدم صلاحيّة مثل هذه المطلقات ـ التي يمكن الخدشة في إطلاق كثير منها من حيث هو بورودها في مقام بيان أصل التشريع ـ لمعارضة النصّ الخاصّ ممّا يوهن التعويل عليه ، ولذا لم يرجّحه المصنّف.
وممّا يزيدها وهنا : ما حكي عن الشافعي في أحد قوليه وعن غيره أيضا من العامّة القول بوجوب الزكاة في معدن الذهب والفضّة (١) ، وإشعار الرواية بإرادتها ، فيحتمل أن يكون غرض السائل بقوله : هل فيه شيء؟ الزكاة ، فأجابه ـ عليهالسلام ـ ، بأنّه «ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة» يعني ليس فيه زكاة حتى يبلغ نصابها ، فتكون الرواية على هذا التقدير جارية مجرى التقية.
كما يؤيّد هذا الاحتمال : أنّه لو كان المقصود أنّه بعد بلوغ النصاب يكون فيه الخمس ، لكان محتاجا الى بيان زائد ، بخلاف ما لو كان المراد به الزكاة ، فإنّه يفهم من سوق التعبير.
ويؤكّد وهنها أيضا بعد ارتكاب التقييد ببلوغ العشرين في صحيحة محمّد بن مسلم ، المصرّحة بوجوب الخمس في الملح المتّخذ من الأرض السبخة المالحة التي يجتمع فيها الماء فيصير ملحا (٢) ، فإنّ هذه الصحيحة وإن لم تكن مسوقة لبيان الإطلاق من هذه الجهة ، إلّا أنّ تنزيلها على إرادة ما لو كان الملح المتّخذ من مثل هذه الأرض بعد وضع المئونة بالغا
__________________
(١) حكاه في الخلاف ٢ : ١١٦ المسألة ١٣٨.
(٢) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٩ ، الوسائل : الباب ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٤.