هذا الحدّ لا يخلو عن بعد ؛ إذ قلّما يتّفق حصول مثل الفرض.
هذا ، ولكن ربّما يغلب على الظنّ أنّ أحمد بن محمّد بن أبي نصر كان عارفا بأنّه ليس في المعدن زكاة ، وأنّه لو كان فيه شيء ، لكان هو الخمس إمّا بواسطة سماعة خبر الدينار الآتي (١) ، الذي رواه محمّد بن عليّ بن أبي عبد الله ، أو غير ذلك من الروايات الواصلة اليه ، ولا أقلّ من أنّه كان يحتمل ذلك ؛ لأنّه على ما في التذكرة (٢) مذهب أبي حنيفة ، الذي هو بحسب الظاهر أشهر المذاهب في زمانه ، فمن المستبعد أن لا يحتمله أصلا ، ويقصد من إطلاق الشيء خصوص الزكاة ، فالظاهر أنّ مراده بقوله : هل فيه شيء؟ إمّا خصوص الخمس أو الأعمّ ، كما هو مقتضى إطلاق السؤال.
وممّا يؤيّد احتمال إرادة خصوص الخمس : قوّة احتمال وقوع هذه الصحيحة بعد صحيحته الأخرى الواردة في الكنز عن أبي الحسن الرضا ـ عليهالسلام ـ قال : سألته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز ، قال : «ما يجب في مثله الزكاة ففيه الخمس» (٣) فالمراد بأبي الحسن في هذه الصحيحة أيضا على هذا ، الرضا ـ عليهالسلام ـ فأريد بها بيان اتّحاد حكم المعدن مع الكنز ، وأنّه ليس في المعدن أيضا شيء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة كما في الكنز.
وكيف كان فالصحيحة كادت تكون صريحة في أنّه لا شيء فيه ما لم يبلغ النصاب ، واحتمال إرادة خصوص الزكاة وجريها مجرى التقيّة مع
__________________
(١) يأتي في ص ٢٨.
(٢) تذكرة الفقهاء ٥ : ٤١٠ ، المسألة ٣٠٩.
(٣) الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٥ ، الوسائل : الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٢.