وحكي (١) عن السيد في بعض رسائله ، وأبي الصلاح والعلّامة وولده والشهيدين والمحقّق الثاني : القول بالبطلان ؛ لعموم قوله : لا عمل إلّا بنيّة (٢) الظاهر في وجوب تلبّس مجموعه بها ، ومقتضى ذلك : وجوب تلبّس إمساك كلّ جزء من النهار بنيّة فعل الصوم امتثالا لأمر الله ، كما هو الشأن في الصلاة والطهارات ونحوها من العبادات المركّبة.
ولكنك عرفت في باب الطهارة والصلاة : أنّه يكفي في اتّصاف الفعل المأمور به بوقوعه بجميع أجزائه عن نيّة الاستدامة الحكمية بالمعنى الذي عرفته في محلّه ، وعرفت في صدر الكتاب أنّه يكفي في تحققها في مثل الصوم ونحوه من العبادات المطلوب بها الترك بقاؤها في النفس شأنا على وجه لا ينافيه الغفلة والنوم وشبهه ، ولكن ينافيه رفع اليد عنها ونقضها بنيّة الخلاف ، فمتى نوى الإفطار في جزء من النهار ، فقد أبطل حكم النيّة السابقة ، ووقع ذلك الجزء بلا نيّة ، فيفسد ذلك الجزء ، وبفساده يفسد الصوم ، فإنّه لا يتبعّض.
وقد ظهر بما ذكر : فساد مقايسته بالنوم أو الغفلة الحاصلة في أثناء النهار ، وكذا فساد الاستدلال للقول بالصحة : بحصر المفطرات في النصوص والفتاوى في ما عداه ؛ إذ الفساد ينشأ من الإخلال بالنيّة التي هي شرط في صحّة الصوم ، لا من حيث كون نيّة الإفطار من حيث هي كسائر المفطرات مبطلة ، كي ينافيه حصر المفطرات في ما عداها.
__________________
(١) كما في كتاب الصوم للشيخ الأنصاري : ٥٨٥ وراجع : رسائل الشريف المرتضى ٢ : ٣٥٦ ، والكافي في الفقه : ١٨٤ ، والمختلف : ٢١٥ ، وإيضاح الفوائد ١ : ٢٢٤ ، والبيان : ٢٢٧ ، والدروس : ٧٠ ، ومسالك الأفهام ١ : ٦٩ ، وجامع المقاصد ٣ : ٦١.
(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.