والشرب على مثله ؛ لانصرافهما عنه.
وكيف كان ، فالذي يمكن أن يكون مستندا للقول بالجواز : إمّا منع صدق الأكل والشرب حقيقة على مثله ، وكونه بمنزلة إيصال شيء إلى الجوف من غير جهة الفم ، فلا يختلف الحال حينئذ بين قليله وكثيره ، وبين كونه من المعتاد أو من غيره.
وهذا كما تراه كاد أن يكون مصادما للضرورة عرفا وشرعا.
أو دعوى انصراف النهي عن الأكل والشرب إلى ما من شأنه أن يستعمل في الأكل والشرب في العرف والعادة ، كما أنّ المتبادر منهما ذلك في ما لو وقعا في حيّز الأمر.
وفيه : منع الانصراف إن أريد بالنسبة إلى متعلّق الأكل والشرب ؛ لأنّه غير مذكور في الكلام حتى يدّعى فيه الانصراف ، بل حذفه يكشف عن عدم ملحوظيّة شيء بخصوصه ، وإناطة الحكم بماهيّة الأكل والشرب بأيّ شيء حصلت ، كقولنا : زيد يعطي ويمنع.
وإن أريد بالنسبة إلى نفس الأكل والشرب ، بدعوى : أنّ المتبادر إرادة القسم المتعارف منهما وهو : ما إذا تعلّقا بما يتعارف أكله وشربه ، كانصراف إطلاق الغسل إلى الغسل بالماء ؛ ففيه : أنّ انصرافهما حينئذ عن غير المتعارف منهما من حيث ذات الأكل والشرب كمّا وكيفا أولى من انصرافهما عن غير المتعارف منهما من حيث المتعلّق. مع أنّ هذا ممّا لم يقل به أحد من المسلمين. فهذا يكشف عن أنّ الحكم بالاجتناب متعلّق بطبيعة الأكل والشرب من حيث هي.
مضافا : إلى فحوى ما سيجيء من الإفطار بإيصال الغبار مطلقا أو خصوص الغليظ منه ، مع قضاء سيرة المسلمين لمنافاة مطلق الأكل والشرب للصوم ، فلا ينبغي الارتياب فيه.