ومن هنا يمكن الخدشة في دعوى انجبار ضعفه بالشهرة : بعدم ثبوت استناد المشهور إلى هذه الرواية في هذه الفتوى ، بل المظنون عدمه ، فإنّ من المستبعد التزامهم بخصوص هذه الفقرة ، وطرحهم لسائر الفقرات التي تضمّنتها الرواية ، بل كيف يمكن أن تكون هذه الرواية مستندة لهم مع أنّ أكثرهم بل المشهور في ما بينهم ـ على ما نسبه إليهم في الحدائق (١) ـ على عدم وجوب الكفّارة ، بل القضاء خاصة ، وهو خلاف ما وقع التصريح به في هذه الرواية؟! فالحقّ : كون هذه الرواية ـ مع الغضّ عن سندها ومعارضتها بالموثّقة المزبورة والصحيحة الحاصرة لما يضرّ الصائم في ما عداه ـ من الروايات الشاذّة التي يجب ردّ علمها إلى أهله.
وأمّا ما قيل من أنّه أوصل إلى جوفه ما ينافي الصوم ، فكان مفسدا له ، ففيه : ما أورده في المدارك (٢) وغيره (٣) من أنّ المفسد هو الأكل والشرب وما هو بمعناهما من البلع والتجرّع ونحوهما ممّا لا يصدق عليه عرفا اسم الأكل والشرب ، ولكن يفهم المنع عنه من النهي عنهما عرفا ، وليس إيصال الغبار إلى الحلق على إطلاقه كذلك.
نعم ، لا يبعد أن يقال : إنّه لو كان المقصود بإثارة الغبار التسبيب إلى إدخال الأجزاء التي يثأر منها الغبار من طحين أو تراب ونحوه إلى الجوف ، فهو ملحق عرفا بالأكل والبلع ونحوه ، بل هو هو ، فإنّه تناوله باليد أو بآلة أخرى ، ووضعه في الفم إنّما يقصد به التوصّل إلى إيصاله إلى الجوف ، فلا يتفاوت الحال حينئذ بين أن يتوصّل إليه بالاستعانة
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١٣ : ٧٢.
(٢) مدارك الأحكام ٦ : ٥٢.
(٣) كالذخيرة : ٤٩٩.