وقد أشكل على كثير من المتأخّرين تصوّر موضوع هذا الحكم ؛ نظرا إلى أنّ المراد بالوهم إن كان معناه المصطلح ـ وهو ما يقابل الشك والظن ـ يشكل الالتزام بنفي الكفّارة بعد قضاء العرف وضرورة العقل بعدم جواز الإفطار بمجرّد احتمال انقضاء اليوم احتمالا موهوما في مقابل الاستصحاب وقاعدة الشغل التي هي من الفطريات في مثل المقام ، الموجبة لاندراجه في موضوع متعمّد الإفطار بحكم العرف وشهادة العقل ؛ إذ الجزم بحصول الإفطار غير معتبر في صدق اسم العمد ، كما مرّت الإشارة إليه مرارا.
وإن أريد من الوهم الظن ـ كما هو أحد إطلاقاته ـ ومن غلبة الظن في عبارة المصنّف ـ رحمهالله ـ ونحوها الظن القويّ لا مطلقه ، يشكل الالتزام بهذا التفصيل ؛ إذ لا يساعد عليه دليل ، كما ستعرف.
وحكي (١) عن الشهيد في بعض تحقيقاته أنّه فرّق بين الوهم والظنّ :بأنّ المراد من الوهم : ترجيح أحد الطرفين لا لأمارة شرعية ، ومن الظن : الترجيح لأمارة شرعية.
وقد تعجّب منه غير واحد ممّن تأخّر عنه ، فإنّه مع غرابته غير مستقيم ؛ لأنّ الظن المجوّز للإفطار ، الموجب لسقوط القضاء معه لا يفرّق فيه بين أسبابه ، بل مورد سقوط القضاء مع حصول الظنّ هو الذي سمّاه الشهيد وهما.
والذي ينبغي أن يقال في تحقيق المقام : إنّ تناول المفطر عند عروض ظلمة وشبهها من الأسباب الموهمة دخول الليل يتصوّر على أنحاء :
__________________
(١) الحاكي عنه هو العاملي في مدارك الأحكام ٦ : ٩٨. وراجع الروضة في شرح اللمعة ٢ :٩٦.