فإنّه ربما يكون حال تناول المفطر ملتفتا إلى حالته تفصيلا ، ويجد نفسه شاكّا أو ظانّا بدخول الليل أو بعدمه ، ومع ذلك يقدم على الإفطار ، ولا مجال للارتياب في فساد صومه في مثل الفرض على تقدير أن يرى نفسه شاكّا أو ظانّا ببقاء اليوم ، بل ولا في وجوب الكفّارة عليه.
ولكن هذا الفرض بحسب الظاهر خارج عن موضوع كلماتهم ؛ فإنّ محلّ الكلام في من لم يرتدع عن عزمه على صوم اليوم ، ولكن تناول المفطر بانيا على انقضاء اليوم وحصول وقت الإفطار ، وهذا ينافي الظنّ ببقاء اليوم أو التردّد فيه.
نعم ، يمكن أن يجتمع مع الظنّ بدخول الليل تنزيلا له منزلة العلم ، كسائر الموارد التي يعوّل عليه العقلاء في مقاصدهم ، وهذا بخلاف صورة التردّد أو الظنّ بالخلاف ، كما لا يخفى على المتأمّل.
ولكن هذا مع الالتفات التفصيلي إلى حالته ، وأمّا بدونه فقد يجتمع تناول المفطر في زمان لا يعتقد بكونه ليلا لا اعتقادا جزميّا ولا ظنيّا مع بنائه على الخروج عن عهدة التكليف بالصوم بما صدر منه : إمّا غفلة عن احتمال الخلاف ، كما لو سمع الأذان ، أو رأى ظلمة وشبهها ، فارتسم في متخيّلته دخول الليل ولم يخطر بذهنه خلافه حتى يتردّد فيه أو يرجّح أحد طرفيه أو يذعن به إذعانا تصديقا ، ومثله لا يسمّى شاكّا ولا ظانّا ولا معتقدا بالليل ، بل يطلق عليه في العرف اسم التوهّم والتخيّل ، نظير ما قد يتخيّل الإنسان أمورا لا واقعية لها إلى أن يستغرق في الفكر ويذهل عن كونها أمورا وهمية ، فيرتّب عليها أثر الوجود ، ثم يلتفت إلى حالته فيراها غير متأصّلة ، فهذا النحو من الجزم الناشئ من الوهم ليس من سنخ العلم والاعتقاد ، ولعلّه ملحق بالسهو لدى العرف حكما إن لم يكن مندرجا في موضوعه.