وفيه : منع الملازمة ، بعد أنّ الفعل ـ أي الوصول إلى الجوف ـ لا يخرج عادة بهذه المقدّمة عن اختياره ، بل غاية ما يلزم (١) الرخصة في المضمضة قبح المؤاخذة على ما يترتّب عليها قهرا ، لا عدم بطلان الصوم بوصول الماء إلى الجوف قهرا من باب الاتّفاق.
وكيف كان ، فالاستدلال بالرواية المزبورة لمدّعاه ضعيف دلالة وسندا ، فالقول بالحرمة مع شذوذه ممّا لا دليل عليه.
وأضعف منه ما حكي (٢) عنه في التهذيب من القول بأنّه لو تمضمض لغير الصلاة فدخل حلقه ، فعليه الكفّارة والقضاء ؛ إذ لا مقتضى للكفّارة حتى في نحو التبرّد الذي أوجبنا القضاء فيه ؛ لاشتراطها بحصول الشرب عمدا ، كما عرفته في ما سبق ، وهو منتف في الفرض.
وأمّا خبر المروزي ، قال : سمعته يقول : إذا تمضمض الصائم أو استنشق متعمّدا أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار ، فعليه صوم شهرين متتابعين ، فإنّ ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح (٣) فلا يصلح أن يكون مستندا له ؛ فإنّه لا يقول بظاهره من الإطلاق ، وباب التأويل واسع ، فكما يحتمل أن يكون المراد به ما لو تمضمض واستنشق متعمّدا فوصل الماء إلى جوفه قهرا ، كذلك يحتمل أن يكون المراد به ما إذا أوصل الماء إلى جوفه بالمضمضة والاستنشاق متعمّدا ، بل حمله على إرادة هذا المعنى أوفق بما يقتضيه الجمع بينه وبين غيره ممّا
__________________
(١) في النسخة الخطية والطبعة الحجرية : يلزمه. والصحيح ما أثبتناه.
(٢) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ١٦ : ٢٩٢.
(٣) التهذيب ٤ : ٢١٤ / ٦٢١ ، الإستبصار ٢ : ٩٤ / ٣٠٥ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١.