قال : لا يفطره ذلك (١) (٢). انتهى.
أقول : منع تسميته أكلا مجازفة إلّا بلحاظ قلّته وعدم الاعتداد به عرفا وهي غير قادحة في مفطرية المفطرات كما عرفته في محلّه ، مع أنّ المراد بالأكل المبطل عمدا للصوم أعمّ من الازدراد والبلع والتجرّع ونحوه ممّا لا يسمّى باسمه عرفا.
وتوهّم : أنّ لإيصاله إلى الجوف من الخارج دخلا في التسمية أو في انصراف النهي عن الأكل إليه ؛ مدفوع : بأنّ هذا إن سلّم فهو مجد في عدم قادحيّة مثل النخامة والجشاء (٣) ونحوه ممّا كان وصوله إلى الفم من الباطن ، لا في مثل الطعام الذي وضعه في فيه ، ولم يبتلع جميعه أو بعضه لمانع إلّا بعد مدّة كما في المقام ؛ فإنّه بعد أن ابتلعه صدق عليه أنّه أكل جميعه صدقا حقيقيّا بالنسبة إلى كلّ جزء منه حتى المتخلّف بين أسنانه على سبيل التواطؤ ، كما هو واضح.
وبما أشرنا إليه من الفرق بين ابتلاع ما وصل إلى الفم من الخارج أو من الجوف في إمكان منع التسمية أو الانصراف في الثاني دون الأول ظهر فساد الاستدلال لعدم الفساد في ما نحن فيه : بصحيحة ابن سنان ؛ إذ بعد تسليم العمل بإطلاق الصحيحة والالتزام بأنّ ابتلاع ما يتجشّأ بعد وصوله إلى فضاء الفم عمدا غير مفسد ، فهو حكم مخصوص بمورده ، والتعدّي عنه إلى ما نحن فيه قياس مع الفارق.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٦٥ / ٧٩٦ ، الوسائل : الباب ٢٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٩.
(٢) مدارك الأحكام ٦ : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، وراجع : الخلاف ٢ : ١٧٦ ، المسألة ١٦ ، والمبسوط ١ : ٢٧٢.
(٣) الجشاء : صوت يخرج من الفم عند شدّة الامتلاء. مجمع البحرين ١ : ٨٧.