هذا ، مع أنّ الالتزام بجواز ابتلاع ما يخرج من الجوف إلى فضاء الفم بالجشاء والقيء ثانيا في غاية الإشكال ؛ إذ الظاهر اندراجه في مسمّى الأكل والشرب عرفا ، والصحيحة المزبورة غير ناهضة بإثباته ؛ لقوة احتمال جريها مجرى الغالب من كون الازدراد بغير اختياره : إمّا لعدم وصوله إلى فضاء الفم ، بل إلى أصل اللسان وما دونه ، أو لسبق رجوعه إلى الجوف لا عن عمد ؛ لما فيه بعد وصوله إلى فضاء الفم من النفرة المانعة من تعمّد ابتلاعه ، خصوصا ممّن كان عازما على ترك جنس الأكل والشرب ؛ فإنّ شبهة اندراجه في موضوعهما كافية في الغالب لترك ابتلاعه عمدا ، فضلا عن شهادة العرف بذلك.
هذا ، مع أنّه لم ينقل القول بنفي البأس عنه عن أحد ، بل ظاهرهم الاتّفاق على فساد الصوم بتعمّد ابتلاع ما تخلّف في الفم من القيء أو القلس وإن اختلفوا في أنّه يوجب القضاء خاصة ، كما عن صريح الغنية بل عن ظاهره : دعوى الإجماع عليه (١).
وعن الحلّي التصريح بوجوب الكفّارة (٢) أيضا (و) هذا هو الأشبه ، كما أنّ (الأشبه) في ابتلاع الغذاء الخارج من بين الأسنان عمدا (القضاء والكفّارة) لاندراجهما في ما دلّ عليهما ، أي في من أفطر متعمّدا.
ودعوى : انصراف أدلّة الكفّارة عن مثله ، كما لعلّه مستند القول بالعدم ؛ غير خالية عن النظر ، والله العالم.
(وفي السهو لا شيء عليه) ولو مع تقصيره في التخليل ؛ إذ
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ١٦ : ٢٩٥ ، وراجع : الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٠٩.
(٢) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة : ٢٢٢ ، وراجع : السرائر ١ : ٣٧٧.