الشيء يقرّ ، وقررت الشيء وأقررته : إذا أفدته القرار.
فعلى هذا ما يظهر من بعض اللغويين أنّه بمعنى الاعتراف أو الإذعان فإنّما هو تفسير بالمناسب ؛ إذ الظاهر أنّ الإذعان عبارة عن التصديق القلبي من حيث هو ، وليس الإقرار كذلك ، بل الاعتراف أيضا ممّا يعتبر العلم في مفهومه ، بخلاف الإقرار ؛ فإنّ الاعتقاد بحسب الظاهر ليس مأخوذا فيه.
وكيف كان ، فيطلق الإقرار على الإخبار عن حقّ لازم للغير على المتكلّم ، والظاهر أنّ إطلاقه عليه ليس من حيث كونه إخبارا عن الواقع ، وكونه ثابتا في نفس الأمر حتى يكون مساوقا للقسم الخاص من الخبر وإن كان يظهر من عبائر بعضهم ذلك ، حيث عبّروا بأنّ صيغته كذا أو لفظه كذا.
وأمّا احتمال كونه بملاحظة صدور نفس اللفظ من حيث هو أو بملاحظة اللفظ من حيث كونه مطابقا للنسبة الذهنية فممّا لا ينبغي أن يتوهّم ، بل الظاهر أنّ تسميته إقرارا إنّما هو من جهة استلزام خبر إثبات حقّ للمقرّ له على عهدة المقرّ ، ونفي استحقاقه له بنفسه بمقتضى اعترافه ، فالإقرار اسم للازم المستفاد من الخبر لا لنفس القضية من الموضوع والمحمول ، فالخبر ما به يتحقّق الإقرار لا نفس الإقرار ، ولعلّ في تعديته بالباء في قولهم : أقرّ بكذا ؛ إشعارا بذلك.
إذا عرفت معنى الإقرار ، فنقول : إنّ حكم الإقرار نفوذه على المقرّ ، وقطع النزاع به ، للنبوي المدّعى استفاضته ، بل تواتره : إقرار العقلاء على أنفسهم جائز (١).
__________________
(١) مرّت الإشارة إلى مصدره في الصفحة السابقة.