ومعنى جوازه بحسب الظاهر : نفوذه في حقّه ، وعدم إمكان التفصّي له عمّا التزمه على نفسه بسبب إقراره ، لا أنّه حجّة وطريق إلى الواقع لأجل أنّ العاقل ليس متّهما في إخباره عن ضرر نفسه ، فيجب تصديقه ، نظير وجوب تصديق العادل ، حتى يقال : إنّ اعتباره على هذا دائر مدار طريقيته ولو نوعا ، فيشكل الأمر فيما لو عارضه إقرار آخر ، كان يقرّ أوّلا لزيد بشيء ثم لعمرو بذلك الشيء ، ضرورة عدم اتّصاف المتعارضين بوصف الطريقية بالنسبة إلى شيء من الخصوصيتين ، مع أنّهم حكموا بنفوذ الإقرار في المثال ، فيلزم بدفع العين إلى الأول وبدله إلى الثاني ، وذلك لأنّ الجواز ليس بمعنى الحجيّة كما لا يخفى.
مع أنّه بعد ما عرفت من أنّ الإقرار لغة بمعنى الإثبات ، وأنّ تسمية الخبر إقرارا إنّما هو باعتبار لازمه ، أعني الإثبات والالتزام ، لا مجال لهذا التوهّم ؛ إذ الإثبات والالتزام لا يتّصف بالحجّية والطريقية.
نعم إن قلنا بأنّ الإقرار عبارة عن نفس الخبر ، لكان للاحتمال المذكور وجه ، إلّا أنّه خلاف الظاهر ، فلا يصار إليه.
وأمّا ما ذكر من أنّ العاقل لا يتّهم في إخباره عن نفسه ، فالظاهر أنّه حكمة لجعل إقراره سببا للنفوذ ، وجواز إلزامه بما التزم به ، والظاهر أنّ الإقرار في حدّ ذاته له نحو اعتبار وسببية ظاهرية عند أرباب السياسة من العقلاء ، فحكم الشارع على هذا إمضاء لطريقتهم.
وكيف كان ، فالظاهر بل المقطوع به : أنّه ليس سببا واقعيّا لثبوت متعلّقه ، كالبيع ونحوه ، بل هو سبب ظاهري يترتّب عليه آثار ثبوته ما لم يعلم خلافه ، فلو علم كذبه ، لا يترتّب عليه شيء ، كما هو الشأن