كلامه مخالفا لمعتقده ، وأنّ المتكلّم العاقل لا يخبر بخلاف الواقع المضرّ بحاله وغيرها من الأصول المعتبرة عند العقلاء ، فإذا ادّعى شيئا ممّا هو مخالف لأصل من الأصول التي يتعيّن بها مدلول اللفظ يجوز سماعها ؛ لعموم البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر (١).
ومن هذا ظهر الوجه في سماع دعوى الخطأ في الطريق حيث إنّ إحراز عدمه إنّما هو بأصالة عدم الخطأ لا بمدلول الإقرار ، ومعلوم أنّ كلّ دعوى على خلاف الأصل مسموعة بمعنى أنّه يجب على مدّعيها الإثبات.
وما ذكرنا من سماع الدعوى في هذه المقامات لا ينافي الالتزام بكونه سببا ظاهريا تعبّديّا ، بل كونه سببا ظاهريّا ، وعدم كونه ناقلا في الواقع يقتضي ذلك.
نعم لو بنينا على أنّ ما هو ظاهر الإقرار نافذ واقعا ، فيكون الظاهر سببا واقعيّا لم يكن وجه لسماع الدعوى في هذه الموارد ، ولكنك قد عرفت خلافه.
وأيضا ما ذكرناه من السماع ليس مطلقا ، بل هو مقصور على ما لو شهد على ما يدّعيه من خلاف الظاهر شيء من قرائن الأحوال ، بأن يستند إلى مستند يستند إليه العقلاء في ارتكابهم بمثل ما يدّعي ارتكابه ، ككون الإقرار على رسم القبالة وغيره من القرائن ؛ إذ ليس كلّ دعوى تسمع ولو كانت بعيدة عادة ، كدعوى إرادة خلاف الظاهر ممّا له ظاهر مع عدم مساعدة شيء من القرائن على صدق دعواه.
ومن هذا القبيل دعوى المزاح بإقراره ممّا لا يعتني العقلاء بمثلها في مقابل الظهورات المعتبرة ، وذلك لانصراف أدلّة سماع الدعاوي إلى
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٤٤ / ١٧٢ و ٤٥٣ / ١٨٨ و ٢ : ٢٥٨ / ١٠ و ٣٤٥ / ١١ و ٣ : ٥٢٣ / ٢٢.