الدعاوي المعتبرة عند العقلاء ، كيف ولو بني على سماع كلّ دعوى ، لانفتح باب الدعاوي الباطلة كما لا يخفى.
وحاصل الكلام في معنى الرواية : أنّ المستفاد منها أنّ العاقل ملزم بما التزم به على نفسه ، فهذا حكم تعبّدي من الشارع في مرحلة الظاهر ، فيترتّب عليه أحكامه ما لم يعلم خلافه.
هذا حكم الإقرار ، وأمّا تعيين الإقرار وأنّ المقرّ به أيّ شيء؟فالمتّبع في تعيينه هو العرف ، فلا بدّ في إحراز المراد والموضوع من إعمال القواعد العرفية مثل أصالة عدم القرينة وأصالة عدم السهو وغيرهما من الأصول ، وكلّ دعوى في مقابل شيء منها مسموعة ، بمعنى أنّه يجب على المدّعي إثباتها ، وإلّا فالأصل ينفيه.
هذا فيما لو ادّعى ما ينافي صدق الإقرار ، أو ما هو المراد من لفظ ما أقرّ به ، مثل دعوى معنى مجازي أو غيرها ، وأمّا دعوى الخطأ في طريق الحكم فعموم الحكم بالنفوذ ، وكونه تعبّديّا وإن كان يقتضي عدم الاعتناء بها ، غاية الأمر أنّه بعد فرض كونه حكما ظاهريّا لو ظهر بنفسه مخالفته للواقع يرفع اليد عن قضية الإقرار ، وإلّا فيحكم على مقتضى الإقرار ولو مع العلم بخطإ الطريق ، فضلا عن دعواه ، إلّا أنّ الظاهر من الكلام خصوصا بملاحظة إضافة الإقرار إلى العقلاء : أنّ الحكم ليس تعبّديّا محضا ، بل لأجل مناسبة بين الحكم وموضوعه ، وهو كونه التزام العاقل من حيث إنّه عاقل ، وهذا لا محالة ينصرف إلى الإقرارات الواقعية التي يكون العاقل ملتفتا إلى جميع أطرافه.
وبعبارة أخرى : ينصرف إلى الإقرارات التي يكون طريق العاقل إليه علما بأن لا يكون مخطئا في كلامه ، ويكون معتقدا لما يقول اعتقادا واقعيّا ، فإذا ادّعى الخطأ في الطريق ، وكون إقراره من الأفراد المنصرف