جرت عليه يد الغير التي لم يعلم عدم احترامها شرعا : حرمة التصرّف فيه حتّى يعلم انقطاع علاقته عنه وعدم اختصاصه به بالفعل ، كما في الآثار الباقية في البلاد الخربة من أهل الأعصار القديمة ممّا ليس لأحد علاقة اختصاص بها بحيث تعدّ عرفا مالا (١) بلا مالك ، ويعامل معها في العرف والعادة معاملة المباحات ، وأمّا في مثل هذه الآثار فمقتضى الأصل وغيره ـ ممّا تقدّمت الإشارة إليه ـ جواز التصرّف فيه وتملّكه بالحيازة.
فالكنز الذي يوجد تحت الأرض إن علم كونه من تلك الآثار ولم يتجدّد عليه يد لم ينقطع علاقتها ولو بحكم الأصل هو من هذا القبيل ، يجوز تملّكه بالحيازة ، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لم يكن ، من غير فرق بين أن يجده في الأراضي غير المملوكة لشخص خاصّ أو في أرضه التي ملكها بالإحياء ، أو الشراء ، أو غير ذلك ، بل وفي ملك الغير أيضا على أحد الاحتمالين الآتيين.
وأمّا إن لم يعلم ذلك بأن احتمل حدوثه أو حدوث يد مستقلّة عليها في هذه الأعصار ، وكان في الأراضي المباحة ونحوها ممّا لا يد لأحد عليها بالفعل ، ولم يكن الكنز محفوفا بأمارات الحدوث من حيث السكّة ونحوها بحيث يعدّ عرفا من قبيل المال المجهول المالك فهو أيضا كذلك ؛ إذ لا يعتنى بشيء من الاحتمالين لدى العرف والعقلاء.
أمّا الأخير : فواضح ؛ لمخالفته للأصل.
وأمّا الأوّل : فالأصل فيه وإن كان معارضا بأصالة عدم حدوثه في الأعصار المتقدّمة ، مع أنّه لا يجدي في إثبات كونه من أهل الأعصار السابقة ممّن انقطعت علاقته عنه ؛ كي يرفع اليد بواسطته عن
__________________
(١) ورد في النسخة الخطية الطبعة الحجرية : مال. والصحيح ما أثبتناه