وعلى الجملة ، فإنه على القول بكون النهي في المعاملة ظاهراً في الفساد ، فمع الشك يكون المرجع هو الأصل ، اللهم إلاّ أن لا يجري الأصل لعدم الأثر ، وهذا أمر آخر ... فما ذهب إليه المحقق الأصفهاني من عدم الأصل حتى على مبنى ظهور النهي في الإرشاد إلى الفساد ، في غير محلّه (١).
وأمّا في المسألة الفرعيّة ، فقد أفاد الميرزا (٢) أنّ الأصل في المعاملة هو الفساد ، لأنه مع الشك في صحة المعاملة يشكّ في ترتّب الأثر عليها ، وحينئذٍ فالأصل بقاء كلٍّ من العوضين على ملك مالكه. وأمّا في العبادات ، فإنّ الأصل الجاري فيها لدى الشك في الصحة هو قاعدة الاشتغال ، إلاّ في موارد الأصل الثانوي كقاعدة الفراغ مثلاً ، كما أنه يمكن وجود القاعدة الثانوية المقتضية للصحة في المعاملة كذلك ، كأصالة الصحة في عمل الغير ... هذا في الشبهة الموضوعيّة.
وأمّا في الشبهات الحكمية الكليّة في المعاملات فقد قالوا بأصالة الفساد.
قال الأُستاذ : جريان هذا الاستدلال منوط بعدم كون الشك في المورد من قبيل الشك بين السبب والمسبب. مثلاً : لو شك في أنه هل الفصل الطويل بين الإيجاب والقبول مبطل للصيغة أو لا؟ فقد يقال برجوعه إلى الشك في اعتبار الاتصال ، ومع جريان البراءة من اعتباره تصحّ المعاملة ويرتب عليها الأثر ... لحكومة البراءة عن شرطية الاتصال على أصالة الفساد في المعاملة ، فتأمّل.
ثم إن المحقق الإيرواني علَّق على كلام (الكفاية) هنا بما حاصله (٣) : إنما يحتاج إلى الأصل العملي حيث لم يتّضح دلالة النهي على الفساد ، فيحتمل الصحة واحتمالها احتمالٌ لوجود الأمر مع الشك في مانعيّة النهي ، وحينئذٍ يحكّم
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٣٩١.
(٢) أجود التقريرات ٢ / ٢١٢.
(٣) نهاية النهاية ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧.