الوجه الأول ولعلّها عمدتها ، ما عن السيّد المرتضى قدسسره (١) ، وحاصله : أنا نرى قيام شرط آخر مقام الشرط المذكور في الكلام وترتّب الجزاء عليه بدلاً عنه في الأدلّة الشرعية وكلام أهل العرف ، فيتعدّد المعلّق عليه ولا ينحصر في واحد ، مثلاً في باب الشهادات ، تدلّ الآية المباركة (وَاسْتَشْهِدُوا شَهيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (٢) على توقف ترتب الحكم في الواقعة على شهادة شهيدين من الرجال ، لكنْ ينوب عن هذا الشرط الرجل والامرأتان ، ويترتب الحكم ... إذن ، لا تدلّ الجملة الشرطية إلاّ على مطلق الإناطة ، لأنه في كلّ موردٍ يحتمل قيام الشيء الآخر في الشرطية مقام الشّرط المذكور في القضية.
والجواب عنه ، يتلخّص في : إنه لا كلام ثبوتاً في نيابة شرطٍ عن آخر في الشرطية للجزاء ، وتعدّد الشرط في الشريعة كثير ، وكذلك في الامور الخارجية ، كقيام الشمس ـ مثلاً ـ مقام النار في الحرارة ... إنما الكلام في مقام الإثبات ، فإنه لمّا قال : «إن جاءك زيد فأكرمه» كان هذا الكلام ظاهراً في تعليق وجوب الإكرام على المجيء ، وبه يندفع الاحتمال المذكور ، لأنه ظاهر في الإطلاق بالنسبة إلى غير هذا الشرط ، أي : يجب إكرامه إن جاء ، سواء تكلّم مثلاً أو لا ، سواء أحسن إليك أو لا ... وهكذا ، فللكلام في مقام الإثبات إطلاق يدفع كلّ احتمال ، فلو قام الدليل على شرطية شيء غير المجيء أيضاً ، تقيّد الإطلاق وأصبح التكلّم ـ مثلاً ـ شرطاً للإكرام إلى جنب المجيء ....
فما جاء في كلام السيد رحمهالله خلط بين مقامي الثبوت والإثبات.
وعن صاحب (القوانين) (٣) الجواب باندفاع احتمال النيابة بالأصل.
__________________
(١) الذريعة إلى اصول الشريعة ١ / ٤٠٦.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢٨٢.
(٣) قوانين الاصول ١ / ١٧٧.