بفردٍ آخر أو لا؟ فلو قال الدليل : إنْ فعلت كذا فكفّر بكذا ، وجبت عليه الكفارة سواء أعطاها بسببٍ آخر أو لا. (وثانياً) هو مقتضى الاستصحاب ، فإنه لو كفَّر لسببٍ وشك في كفايتها عن الكفارة لسببٍ آخر ، يستصحب وجوبها عليه بذاك السبب. (وثالثاً) : إنه مقتضى قاعدة : الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة.
وأمّا الأسباب ، فمقتضى الأصل هو التداخل وعدم التعدّد ، فإذا تعدّد السّبب وشك في إيجابها للآثار المتعدّدة ، كما في الوضوء مثلاً ، فإنّ الشك يرجع إلى دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، لكنّ هذا العلم الإجمالي ينحلّ من جهة كون الأقل متيقّناً ، أما الزائد فمشكوك فيه ، فيستصحب عدم تعلّق الجعل الشرعي به ، وهذا هو الأصل الأول الحاكم في المقام.
ثم تصل النوبة إلى الأصل المحكوم وهو البراءة الشرعية ، ثم تجري البراءة العقلية.
فمقتضى الأصل في طرف الأسباب هو التداخل ، وفي طرف المسبّبات هو عدم التداخل.
الخامس : في ما نسب إلى فخر المحقّقين من أنّ القول بالتداخل وعدمه يبتنيان على كون العلل الشرعية أسباباً أو معرّفات. فعلى الأول لا تتداخل وعلى الثاني فلا مانع من التداخل لجواز اجتماع أكثر من معرّفٍ على الشيء الواحد.
وقد أورد عليه في (الكفاية) (١) وغيرها بما حاصله : إن الأحكام الشرعيّة معتبرات ، وهي في الأصل وفي الخصوصيات من الإلزام والترخيص وغير ذلك تابعة لإرادة الشارع ، وهي السبب لها ، فالقول بأنّ الأحكام الشرعيّة أسبابٌ والبحث عن كونها مؤثرة أو لا ، غير صحيح ، بل إنّ كلّ ما عبّر عنه بالسبب الشرعي
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٠٥.