هذا مختاره بعد المناقشة مع (المحاضرات) ، والنظر في الأدلة في مقام الإثبات.
ولقد أورد على كلام (المحاضرات) :
أولاً : قوله بترتب المصلحة على الترك كترتّبها على الفعل.
فيه : إن المصلحة أمرٌ وجودي ، وقيام الأمر الوجودي بالأمر العدمي غير معقول ، فإنّه لا إشكال عقلاً وعقلاء في تعلّق التكليف بالترك ، لكنّ قيام المصلحة بالترك غير معقول ، بل الموارد التي تعلّق فيها الطلب بالترك تحتمل : أن تكون نهياً في صورة الأمر ، فقوله تعالى (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ) (١) يمكن أن يكون من جهة وجود المفسدة في دخول البحر لا وجود المصلحة في ترك الدخول في البحر ... ويحتمل أيضاً : أن تكون المصلحة في شيء ملازمٍ للترك لا في نفس الترك ، وإن كنّا لا ندري ما هو الملازم.
والحاصل : إنه متى قام البرهان على امتناع ترتب الأمر الوجودي على العدم ، فكلّ دليلٍ كان ظاهراً في الترتب لا بدّ من رفع اليد عن ظهوره.
وثانياً : جعله «المسبب من الأفعال أو التروك هو المتعلّق للنهي» من «الأقسام الأربعة».
وفيه نظر ، لأن كون التروك سبباً لوجود شيء غير معقول.
وثالثاً : إنه قد ذكر سابقاً بأن «صرف الترك» لا يقبل تعلّق التكليف ، لأنه ضروري الحصول ، فلو تعلّق به الطلب كان من تحصيل الحاصل ... ولعلّه من هنا جعل الأقسام في (أجود التقريرات) ثلاثة ، فلما ذا عدّ هذا القسم في الأقسام الأربعة؟
__________________
(١) سورة الدخان : الآية ٢٤.