الواحد ... على جميع المسالك ، لأنّ طلب الشيء يستلزم عدم الكراهيّة له ، والنهي عنه يستلزم عدم الإرادة له ، فكان تعلّقهما بالشيء الواحد مستلزماً لاجتماع النقيضين ، وكذا الحال بالنظر إلى مسلك العدليّة من تبعيّة الحكم للمصلحة أو المفسدة ، فإنّ اجتماعهما في الشيء الواحد محال.
وعلى الجملة ، فإنّ القول بالجواز يستلزم المحذور في ناحية منشأ الحكم ومبدئه وهو الحبّ للشيء والبغض له ، أو المصلحة والمفسدة فيه ، وكذا في ناحية المنتهى ، وهو مقام الامتثال ، لأنّ الأمر يقتضي الانبعاث والنهي يقتضي الانزجار أو الترك ... ولا يجتمعان.
هذا بناءً على إنكار التضادّ بين الأحكام الخمسة ، كما عليه المحقق الأصفهاني. وأمّا على القول بوجود التضادّ بينها كما عليه صاحب (الكفاية) ، فإن الاستحالة لازمة في نفس الحكمين أيضاً.
فتلخّص : إنه من الناحية الكبرويّة ، يستحيل أصل التكليف بمثل ذلك ، بالنظر إلى المبدا والمنتهى كما تقدّم ، ويلزم الجمع المحال بين التكليفين. وأمّا بالنظر إلى خصوص مبنى المحقق الخراساني من التضادّ بين الأحكام فالاستحالة تكون بالذات. وعلى كلّ حالٍ ، فإن التكليف كذلك محال ، وليس من التكليف بالمحال ، لأنّ مورد التكليف بالمحال هو ما إذا كان هناك تكليف واحد تعلّق بشيءٍ واحدٍ كالمجموع بين الضدّين ، فلا ينبغي الخلط بين الموردين.
وعلى هذا ، فإنّ النزاع في المسألة صغروي ، لأنه يدور حول لزوم الاجتماع وعدم لزومه ، بعد الوفاق على الكبرى كما تقدّم ، ومرجعه إلى أنّه هل يسري ويتعدّى الأمر من الصّلاة إلى الغصب ، والنهي من الغصب إلى الصّلاة أو لا؟