وقد أوضح الميرزا (١) رحمهالله أنّ هذا البحث يكون تارةً من صغريات باب التعارض ، وأُخرى من صغريات باب التزاحم ، وذلك لأنّه في صورة تعدّي الحكم عن موضوعه إلى موضوع الحكم الآخر ، يلزم الاجتماع ويقع التنافي بين مدلولي الدليلين بحسب مقام الجعل ، إذ الصّلاة إمّا واجبة وامّا محرّمة ، فأحد الدليلين على خلاف الواقع ، وهذا هو التعارض. وأمّا في صورة عدم التعدّي ، فلا اجتماع ولا مشكلة في مقام الجعل ، بل لكلٍّ من الحكمين مركبه ولا ربط له بالآخر ، وإنّما يقع التنافي في مقام الامتثال ، وهذا هو التزاحم ، إذ لا قدرة على امتثال كلا التكليفين.
وهنا تفصيل ، وذلك : لأنه تارة توجد المندوحة ، أيْ يتمكّن المكلّف من الصّلاة في غير المكان المغصوب ، وأُخرى لا توجد ، فعلى التقدير الأول ، إن قلنا بأنّ اعتبار القدرة على الامتثال في الخطاب هو بحكم العقل كما عليه المحقق الثاني ، خرج المورد عن التزاحم أيضاً ، لأنّه لمّا كان قادراً على الصّلاة في غير هذا المكان ، صحّ تعلّق التكليف بها على نحو الإطلاق ، إذ القدرة على الطبيعة حاصلة بالقدرة على الفرد وهي الصّلاة في غير الغصب ، فلو صلّى في المكان المغصوب والحال هذه ، وقعت صحيحة ، غير أنه فعل المعصية بالتصرّف في ملك الغير. وإن قلنا بأن اعتبار القدرة على الامتثال هو باقتضاء الخطاب ـ كما عليه المحقق النائيني ـ فالتكليف من بدء الأمر موجّهٌ نحو الحصّة المقدورة من الصّلاة ، كان المورد من التزاحم ، لدوران الأمر بين صرف القدرة فيها في المكان المغصوب ، والخروج منه والإتيان بها في غيره ، وحينئذٍ تطبّق قواعد التزاحم ، وتلحظ المباني في الترتّب.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ١٢٦.