وأمّا المخالف ، كقوله : «خلق الله الماء طهوراً» (١) وقوله : «إذا كان الماء قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء» (٢) فوقع التعارض بين العام وبين المفهوم ـ والمفروض أنْ لا حكومة للمفهوم على العموم وإلاّ لتقدّم عليه ، لكنّ مورد الحكومة خارج عن البحث ـ فههنا صورٌ ذكرها المحقق العراقي (٣) :
تارةً : العموم والمفهوم في كلامٍ واحدٍ ، واخرى : يكونان في كلامين ، وعلى كلّ تقدير : تارةً تكون الدلالة في كليهما بالوضع ، واخرى : بالإطلاق ، وثالثة : في أحدهما بالوضع وفي الآخر بالإطلاق.
قال : إنْ كانا في كلامٍ واحدٍ ، فإنْ كانت الدلالة بالوضع ، لم ينعقد ظهورٌ أصلاً ، إذ لا موضوع لأصالة الظهور بل الكلام مجمل. وإنْ كانت بالإطلاق ، لم تتحقّق مقدّمات الحكمة فيهما ، لأن منها عدم البيان ، وكلّ واحدٍ منهما يصلح لرفع الموضوع في الآخر ، فلا موضوع لأصالة الإطلاق.
وإنْ كانا في كلامين ، فإنْ كانت الدلالة بالوضع لم يتم محمول أصالة الظهور وإنْ تمّ الموضوع ، لأنه وإنْ تمّ لهما الظهور الوضعي ، إلاّ أنّه يسقط على أثر المعارضة ويكونان مجملين حكماً ، وإنْ كانت بالإطلاق ، فإنّه وإنْ تحقّق موضوع أصالة الإطلاق لكنّ محمولها وهو الحجية غير متحقّق.
وإنْ كانت الدلالة في أحدهما بالوضع وفي الآخر بالإطلاق ، فإنْ كانا في كلامٍ واحدٍ ، تقدّم ما كان بالوضع ، لأنّ الظهور الوضعي يمنع من انعقاد الإطلاق في الطرف المقابل ، لعدم كونه متوقّفاً على شيء ، بخلاف الإطلاق فمن مقدّماته عدم البيان ، والظهور الوضعي بيان في الكلام المتصل. وإنْ كانا في كلامين ، بني
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ / ١٣٥ ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، رقم : ٩.
(٢) وسائل الشيعة ١ / ١٥٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، رقم : ١.
(٣) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٥٤٦.