الإطلاق في الطرف الآخر ، وهذا ما ذكره المحقق العراقي هنا ، والمحقق الخراساني في بحث التعارض من (الكفاية) (١) فيما لو وقع العام والمطلق في كلامٍ واحد ... والأصل فيه هو الشيخ الأعظم قدسسره ، من جهة أنّ الظهور الوضعي تنجيزي والإطلاقي تعليقي ولا يكون بينهما التمانع بل الأول يتقدّم. وبعبارة اخرى : الظهور الوضعي ذو اقتضاء بخلاف الإطلاقي ، وما لا اقتضاء له يستحيل أن يعارض الاقتضاء.
(قال) ولنا في ذلك نظر نقضاً وحلاًّ.
أمّا نقضاً ، فقد ذكروا أنّ العام لو حفّ بمجملٍ سرى الإجمال إليه وسقط عن الظهور ، كما لو قال : أكرم العلماء إلاّ الفساق منهم ، وتردد الفسق بين الكبيرة والصغيرة ... فكيف أثّر ما لا اقتضاء له فيما له الاقتضاء؟
وأمّا حلاًّ ، فإنْ كلّ ظهور وضعي فهو معلَّق على أنْ لا يكون محفوفاً بقرينةٍ أو بما يصلح للقرينية أو بمجملٍ ، وهذا هو السرُّ في سراية الإجمال في المثال المتقدّم ، لأنّ المجمل ـ وإنْ كان لا اقتضاء ـ يصلح لإسقاط الظهور الوضعي ، ولذا لو احتفّ العام بمطلقٍ لا ينعقد للكلام ظهور ، والدليل على ما ذكرناه هو السيرة العقلائية ، لأن حجيّة هذه الظهورات مستندة إليها ، وفي موارد الاحتفاف كما ذكرنا لا تنعقد على الظهور بل هم يتوقّفون في مثل ما لو قال المولى : أكرم كلّ عالم ولا تكرم الفساق ، حيث النسبة العموم من وجهٍ ، فهم في العالم الفاسق ـ المجمع بين العام الوضعي والإطلاقي ـ يتوقّفون ويعاملون الكلام معاملة المجمل.
فالتحقيق أنه في مورد احتفاف العموم بالمطلق ، لا بدّ من القول بالإجمال ، خلافاً للشيخ وصاحب (الكفاية) والعراقي وغيرهم.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٥٠.