الأمر الثالث
هل (الماهيّة المهملة) نفس (اللاّبشرط المقسمي) أو غيره؟
قد تقدّم أنّ المحقق الأصفهاني يرى أن «الماهيّة المهملة» غير «اللاّبشرط المقسمي» خلافاً للمشهور ، وخلاصة دليله هو : أنّ الماهيّة عند ما تلحظ بذاتها مجرّدةً عن أيّ شيء آخر ـ حتّى عن عدم لحاظ أيّ شيء آخر معها ـ فهي التي ليست هي إلاّ هي ، ولا تصلح لأنْ تكون مقسماً ، لأنّ المقسميّة عنوان إضافي يتحقّق بلحاظ ما وراء الذات.
وقد تبعه على ذلك السيّد الخوئي (١).
وأمّا دليل القول المشهور فملخّصه هو : إنّ حقيقة التقسيم تخصّص الذات بخصوصيّتين متباينتين أو أكثر ، حيث الخصوصيّة متباينة والذات هي الجهة المشتركة بين الجميع ... ولحاظ ماهيّة الإنسان ـ مثلاً ـ وانقسامها بالاعتبارات الثلاثة من هذا القبيل ، فتكون ماهيّة الإنسان مقسماً لها ، حيث يكون الإنسان (بشرط لا) ماهيّة مجرّدة ، و (بشرط شيء) ماهيّة مخلوطة ، و (لا بشرط) ماهيّة مطلقة ... فالإنسان الذي لحظ بنحو اللاّبشرط هو الإنسان المجرَّد من كلّ شيء ، فهو الماهيّة المهملة ، وهو اللاّبشرط المقسمي ، فالذي يطرأ عليه التقسيم ويكون مقسماً هو الماهيّة من حيث هي هي.
وقد أوضح الأُستاذ رأي المشهور : بأنّ القسم والمقسم والتقسيم ، كلّها امور تتعلّق بالماهيّة ـ وأمّا الوجود فهو عين التشخّص ، ولا يقبل الاتّصاف بالقسمية أو المقسميّة ، ولحاظ الماهيّة هو وجودها بالوجود الذهني ، وهو أيضاً غير قابل للاتّصاف بذلك ، لكونه جزئيّاً ـ لكنْ الماهية المجرّدة من جميع الخصوصيات
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٤٢٢. الهامش.