وثالثاً : إنه لا إهمال في الواقع في متعلَّقات التكاليف المولوية ، بل المتعلَّق إما مطلق وإما مقيَّد ، نعم ، يمكن الإهمال في مرحلة البيان والإثبات ، بأنْ لا يذكر المولى كلّ الخصوصيّات المقصودة في المتعلَّق.
وبعد المقدّمات نقول بناءً على مختاره في حقيقة الحكم :
إن متعلَّق الأمر في «صلّ» هو صرف وجود الصّلاة ، ومتعلَّق النهي في «لا تغصب» هو مطلق وجود الغصب ، فهل إنّ متعلَّق الأمر ـ بعد استحالة الإهمال ـ بالنسبة إلى الغصب مطلق أو مقيّد؟ لا ريب في عدم تقيّد الصّلاة بالغصب لا بوجوده ولا بعدمه ، أمّا عدم تقيّدها بوجوده فواضح ، وأمّا عدم تقيّدها بعدمه فلأنه لا بيان عن ذلك في مقام الإثبات ، إذ لم يقل صلّ في غير المكان المغصوب ... فالصّلاة بالضرورة مطلقة بالنسبة إلى الغصب ، وحينئذٍ ، لا بدّ وأن يكون لمثل هذا الأمر المطلق إمكان الداعوية في نفس المكلَّف ، لينبعث نحو الإطاعة والامتثال لصرف وجود طبيعة الصّلاة ، وإلاّ يلزم الخلف.
هذا في جهة الأمر.
وكذلك الكلام في جهة النهي وتحريم الغصب ، فلا بد وأنْ يكون مطلقاً وأن يكون لهذا الإطلاق الشمولي إمكان إيجاد الداعي في نفس المكلَّف للانزجار ، أي يكون له إمكان الزاجرية عن الغصب.
ثم إنه يقول : إنّ وحدة متعلَّق الأمر ومتعلَّق النهي ليست شخصية بل هي وحدة طبيعية ، فالصّلاة طبيعة واحدة لا شخص واحد ، وكذلك الغصب ... لكنّ السؤال هو : هل لهذه الطبيعة الواحدة ـ التي هي لا بشرط بالنسبة إلى الطبيعة الواحدة الاخرى ـ إمكان الداعويّة نحو جميع مصاديقها أو لا؟ إنه لا بدّ أنْ يكون للطبيعة المتعلَّق بها الحكم بنحو لا بشرط ، إمكان الداعويّة إلى كلّ واحدٍ من