الأَصَلَ الهمز ، والهاء مع الهمزة هنا مضمومة ، أيْ : نجزئه ، فلما أبدلتِ الهمزةُ على غير قياس صارتِ الهاء كأن لا ياءَ قبلها ، لأ نّهُ ليسَ هناك مُسَوِّغٌ للهمز لولا حملُهُ على قريت وبابهِ ، فبقيتِ الهاءُ على ضمّتِها تنبيهاً على أَنَّ الهمزَ ياءٌ في الحُكمِ ، وَأَنَّ ما عرضَ فيه مِنَ البدلِ لَمْ يكُن عن قويِّ عُذر ، فهذا طريق الصنعة (١).
وقرأ سلام : (نُؤتِهُ مِنها) (٢).
قال أبو الفتح : هذا على لغة أهل الحجاز ، ومثله قراءتهم : (فخسفنا بِهُو وَبدَارِ هُو الأرضَ) (٣) وقد تقدّم القول عليه (٤).
وحول قراءة ابن مُحَيْصِن : (من هذي الشجرة) (٥) ، انتهى أبو الفتح إلى أنّ (هذه) أصلها (هذي) (٦) وإذا وقفتَ قلتَ هذهْ فأسكنت الهاء. ثم قال : كما أَنَّ
__________________
والذي في سورة القصص : ٢٨ / ٨١ : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنصُرُونَهُ).
(١) المحتسب : ٢ / ٦١ ـ ٦٢.
(٢) من قوله تعالى من سورة الشُّورى : ٤٢ / ٢٠ : (وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِـهِ مِنْـهَا).
(٣) تقدّم القول في هذه القراءة في تعليقتنا في الحاشية (٤) من الصفحة السابقة.
(٤) المحتسب : ٢ / ٢٤٩.
(٥) في سورة البقرة ٢ / ٣٥ وسورة الأعراف : ٧ / ١٩ : (وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) ولم أجد فيما فحصتُ من كتب القراءات : (من هذه الشجرة) اللّهمّ إلاّ إذا كان يقصد الآية التي بعدها في الأعراف : ٧ / ٢٠ : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) ثمّ صُحِّفَتْ (عَنْ) إلى (من). وابن جني لم يتحدّث عن (من) ولو كانت القراءة الشاذّة بها لتحدَّثَ عنها.
(٦) المحتسب : ١ / ٢٤٤ وانظر : البيان : ١ / ٣٥٧.