واحد.
وحذفُ الواحِدِ أَسهلُ من حذفِ الاثنين ، لأ نَّهُ كلَّمَا قَلَّ الحذفُ كَانَ أَمثَلَ مِن كَثَرتِهِ. نعم وَلِـمَـا في سَارَعنَا من معنى أَسرَعنَا.
ومثل (آتينا) في أَنَّهُ فَاعَلْنَا لا أَفعَلْنَا القراءةُ الأخرى : (وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا) (١) أي : سَاَرعنَا بِهَا. وقد تقدّم ذِكره (٢).
وقرأ تمام بن عباس بن عبد المطلب : (إنَّما يُبَايِعُونَ لِلَّهِ) (٣).
قال أَبو الفتح : هو على حذفِ المفعولِ ، لدلالة ما قبله عليه ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إنَّ الَّذِينَ يُبَايعونَك ، إنَّما يُبَايعونَك لِلَّهِ ، فَحَذَفَ المفعولَ الثاني لقربه مِنَ الأوّل وأَ نّه أَيضاً بلفظهِ وعلى وضعهِ وهَذَا المعنى هو راجعٌ إلى مَعنَى القراءةِ العامّةِ : (إنَّمَا يُبَايعُونَ اللهَ) أي : إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِك لِلَّهِ ، إلاَّ أَنَّها أَفخَم معنىً مِن قَولهِ (للَّهِ) أي : إنَّمَا المعاملةُ فِي ذَلِك منه فَهوَ أَعلى لها وأَرجح بِهَا (٤).
وَقَرأَ الضَّحَّاك وَيَعقُوب : (لاَ تَقَدِّموا بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٥) قالَ أَبو الفتح : أي : لاَ تَفعَلوا مَا تُؤْثِرُونَهُ وتتركوا ما أَمركم اللهُ وَرَسُولُهُ بهِ.
وَهَذا هو معنى القراءةِ العامّة : (لاَ تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) أيّ : لا تُقَدِّموا أَمراً على ما أَمَرَكُم اللهُ بهِ ، فالمَفعولُ هُنَا محذوفٌ كَمَا تَرَى (٦).
__________________
(١) سورة الأَنبياء : ٢١ / ٤٧.
(٢) المحتسب : ٢ / ٢٤٥.
(٣) من قوله تعالى من سورة الفتح : ٤٨ / ١٠ : (إِنَّ الَّذِينَ يُبـَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبـَايِعُونَ اللهَ).
(٤) المحتسب : ٢ / ٢٧٥.
(٥) من قوله تعالى من سورة الحجرات : ٤٩ / ١ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
(٦) المحتسب : ٢ / ٢٧٨.