بِزيادَتِهَا فِي قَوْلِهِ : (عَلَى مَنْ يَتَّكِل) ، إنَّما يريد : إنْ لَمْ يَجِدْ من يتّكل عليهِ.
وعليهِ قولُهُ :
أَتَدْفَعُ عَنْ نَفس أَتَاهَا حِمَامُها |
|
فَهَلاَّ التي عَنْ بَينَ جَنْبِيك تَدْفَعُ (١) |
أرادَ فَهَلاَّ عَنِ الَّتي بينَ جَنْبِيك تَدْفَعُ (٢) فَزادَ (عَنْ) فِي قَوْلِهِ : (عَنْ بينَ جنبيك) وَجَعَلها عوضاً من (عَنْ) التي حَذَفَهَا وهو يُرِيدُهَا في قوِلِه : فَهَلاَّ الَّتي ، وَمَعْنَاهَا : فَهَلاَّ عَنِ الَّتِي ، وَلَهُ نَظَائِر.
فَعَلَى هَذَا جَازَتْ هذه القِرَاءةُ ، أَعنِي قَوْلَهُ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ) (٣) فِي مَعْنَى عرضَ الآخرةِ ، وَعَلَى تقديرِهِ. وَلَعَمْريِ إنَّه إذَا نَصَبَ فَقَالَ عَلَى قَرِاءَةِ الجماعة : (وَاللهُ يُريدُ الآخِرَةَ) فَإنَّمَا يُريدُ عَرَضَ الآخرةِ إِلاَّ أَنَّهُ يحذف المضافَ ويقيمُ المضافَ إليهِ مقامه ، وإذا جرَّ فَقَالَ : يُريدُ الآخِرَةِ صارَ كَأَنَّ العَرَضَ في اللّفْظِ موجود لَمْ يُحْذَفْ ، فاحتمل ضعفَ الإعراب تجريداً للمعنى ، وإزَالةً للشَّك أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ إِرادَةً مُرسلَةً هَكَذَا. هذا إلى مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ حذفِ لَفْظ لَِمجيئِهِ فَيما قَبْلُ أَو بَعْدُ (٤).
__________________
(١) البيت لزيد بن رزين بن الملوح المحاربي ، ويروى (أتجزعُ) مكان (أتدفع) ويروى عجز البيت هكذا :
...... |
|
فهل أَنْتَ عما بينَ جنبيك تَدْفَعُ؟ |
انظر : المحتسب : ١ / ٨١ والمغني : ١ / ١٤٩ والهمع : ٢ / ٢٢ وشرح التصريح : ٢ / ١٦ والدرر اللوامع : ٢ / ١٥.
(٢) نقل هذه العبارة عن ابنِ جِنِّي ابنُ هشام في المغني : ١ / ١٤٩.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ٦٧ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ).
(٤) المحتسب : ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.