فَقَالَ قِياسُهُ مَذْهَبُ أَبي بكر فيِ الوَضُوءِ أَن يَكُونَ هَذَا عَلَى أَنَّه أَرادَ رَجُلٌ ساكوتٌ بَيّنُ السكتِةِ الساكوتةِ (١).
وَعَليهِ قَوْلُهْم فِيَما حَكَاهُ الأَصْمَعِي : رَجُلٌ بَيّنُ الضَّارُورةِ ، أَيْ : بَيّنُ الضَّرَّةِ أَوْ المَضَرَّةِ الضّارُورة (٢).
وَأَمّا قَوْلُهُمْ : لُصٌّ بَيّنُ اللُّصُوصيَّةِ ، وَحَرٌّ بَيّنُ الحَروريِّةِ ، وخصَصْتُه ، بالشيءِ خُصُوصِيَّة فَإنْ شِئتَ قُلتَ : هُوَ عَلَى مَذهَبِ أَبي بَكْر لَصٌ بَيّنُ اللصَّةِ اللصُوصِيَّةِ ، والخَصة الخُصوصيِّة والحَرِّية الحَروُرِيِّة.
وَإن شِئْتَ قُلتَ غَيرَ هَذَا وَذَلَك أَنَّ مَا لاَ يجيءُ مِنْ الأَمثِلَة بِنَفسِهِ قَدْ يجيءُ إذا اتّصَلَتْ ياءُ الإضَافةِ بهِ وَذَلِكَ كَقَولِ الأعْشَى :
وَمَا أيْبُليُّ عَلَى هَيّكَل |
|
بَنَاهُ وَصَلَّبَ فِيهِ وَصَارَا (٣) |
فأَيُبِليّ ـ كَمَا تَرَى ـ فَيْعُلِيّ ، وَلَولاَ يَاءُ الإضَافَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِك ألاَ تَرَى أَنَّهُ لَمْ يأتِ عَنْهُم فيعل؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُم فِي الإضَافةِ إلى تَحِيَّة تَحَوَي ، وَمِثَالُهُ : تَفَلِيّ.
وليس في كلامهم اسمٌ على تفل فَكَذَلِك جَازَ خصوصيَّة واختاها هَذَا مَعَ مَا حُكِي عَنْهم من القَبولِ والوَضُوءِ والوَلُوعِ والوَقُودِ (٤) فإذا جَاءَ هَذَا
__________________
(١) تنظر : ص : ٣٥٩.
(٢) تنظر : ص : ٣٦٠.
(٣) أيبلي : صاحب أيبل وهي العَصَا التي يُدَقُّ بِهَا النَّاقُوسُ. صَلَّبَ : صَوَّرَ الصليبَ. صَارَ : سكن.
ديوان الأعشى : ٤٠ والمنصف : ١ / ١٦٣.
(٤) تنظر : ص : ٣٥٨.