…
__________________
الأدب : ١١ / ٦٩. قال ابنُ بِرِّي : (أَوْ) في قوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) للإِبهام ، على حدّ قولِ الشَّاعِر :
تَمَنَّى ابنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا |
|
وَهَلْ أَنَا إِلاَّ مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ؟ |
البيتُ للبيد بن ربيعة وهو في ديوانه : ٢١٣ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٥٥ والأُزهية : ١١٧ ، والأغاني : ٢ / ٥٥ ، و ١٥ / ٣٠٥ ، وخِزانةِ الأدب : ٤ / ٣٤٠. وقيل : معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتُمُوهُم لقلتم هم مئة أَلف أَو يزيدون ، وإِنَّما الكلامُ على حكايةِ قولِ المخلوقين لأنَّ الخالقَ جلَّ جلالُهُ لايَعتَرِضُهُ الشَّكُّ في شَيء مِن خبرِهِ ، وهذا أَلطفُ مِمَّا يُقَدَّرُ فيه. وقال أَبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت / ٢١٥ هـ) : في قوله تعالى : (أَوْ يَزِيدُونَ) : إِنَّمَا هي ويزيدون ، وكذلك قال في قوله تعالى : (أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) [سورة هود : ١١ / ٨٧] ; قال : تقديره : وأَنْ نَفْعَلَ. وعقب أَبو منصور الأزهري على قوله فقال : وأَمَّا قول الله تعالى في آية الطهارة : (وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآ ئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) [سورة النساء : ٤ / ٤٣]. فإِنَّ (أَوْ) فيها بمعنى (الواو) التي تعرف بواو الحال ; المعنى : (وجَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ) أَي في هذه الحال ، ولا يجوز أَنْ يكونِ تخييراً ، وأَمَّا قولُهُ : (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) ، فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها ; وأَما قول الله عزّوجلّ : (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [سورة الإنسان : ٧٦ / ٢٤] ; فهي معطوفة على ما قبلها فإِن الزَّجَّاجَ (ت / ٣١١ هـ) قال : (أَوْ) ههنا أَوكد من (الواو) ، لأَن (الواو) ، إِذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحَدَهُمَا كان غيرَ عاص ، لأَ نَّهُ أَمرهُ أَن لا يطيعَ الاثنينِ ، فإِذا قالَ : (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ، فأَوْ قد دلّتْ على أَنّ كلَّ واحد منهما أَهلٌ أَنْ يُعْصَى. ينظر في : تهذيب اللغة : ١٥ / ٦٥٨ ، وعنه ما في لسان العرب : ١٤ / ٥٤ مادة (أَوى) ، أَمَّا الأَولُ في قوله : (أَوْ عَلَى سَفَر) ، فهو تخيير ، وأَمَّا قوله : (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآ ئِطِ) ، فـ : (أَوَ) هنا بمعنى (واو) الحال. وقال الجصَّاصُ في أحكام القرآن : ١ / ٥١٨ : «ومعناه : ويزيدون ، فهذا موجود في اللغة ، وهي للنفي أظهر في دخولها عليه أنها بمعنى الواو ، منه ما قدمناه من قوله تعالى : (وَلاَتُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) معناه : ولا كفوراً ، لدخولها على النفي».