عَطَفُوا ، لأ نَّهُ لا غَنَاءَ عِنْدَهُمْ ، ولا خيرَ فيهم ، فيجيبوا إِلى جميلِ أو يُدعوا إلَى حَسَن.
وإذَا جَازَ للشاعرِ أنْ يَقُولَ :
لَهَا حَافِرٌ مِثْلُ قَعْبِ الوَلِيدِ |
|
تَتَّخِذُ الفَأرُ فِيهِ مَغَارَا (١) |
ومعناه لو اتخذتْ فِيهِ مَغَارا لَوسعها ، جاز أَيْضاً أَنْ يُقَالَ : (وَإِنْ يُسْتَعْتَبُوا) لاِنَّ الشرط لَيْسَ بصريح إِيجاب ، وَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْنَى الشَّكِّ ، وتتّخذُ الَفأْرُ فِيهِ لفظُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ وَلاَ يَقَعُ.
فَهَذَا طَرِيقُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (وَإنْ يُسْتَعْتَبُوا فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتِبِينَ) لاَِنَّ لَفْظَ الشَّكِّ ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ استعتابٌ لَهُمْ أَصْلاً أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الآيةِ الأُخْرَى : (فَاليَومَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٢)؟ (٣) وَقَرَأَ أَهْلُ مَكّةَ ـ فيما حكاهُ أَبو جعفر الرؤاسي ـ : (إنْ تَأْتِهِمُ) (٤) بَكَسِرِ الألِف من غيرِ ياء.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ : هَذَا عَلَى استئنافِ شرط ، لاَِ نَّهُ وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ : (هَلْ ينظرونَ إِلاَّ الساعةَ) ثُمَّ قَالَ : (إنْ تَأْتِهِم بَغْتَةً فَقَدُ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) فَأَجَابَ الشرط بقولهِ : (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا).
فَإنْ قُلْتَ : فَإنَّ الشَّرْطَ لا بُدَّ فِيهِ مِنَ الشَّكِّ ، وَهَذَا مَوْضِعٌ محذوفٌ عنهُ
__________________
(١) البيت لِعَوف بِن عطية بن الخرع من بني تيم من عبد مناة.
انظر : الكامل للمبرد : ٣ / ١١١.
(٢) سورة الجاثية : ٤٥ / ٣٥.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.
(٤) من قوله تعالى من سورة محمّد (صلى الله عليه وآله) : ٤٧ / ١٨ : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءِ أَشْرَاطُهَا).