قبل ذلك العام ، فيكون حجّه فيه مندوباً ، فعدوله المأمور به من محل البحث وإن كان فيهم أيضاً من وجب عليه الحج في ذلك العام ؛ فإنّ دخوله فيها غير قادح بعد شمولها لما هو من محل البحث.
وحيث قد عرفت شمولها لمن وجب عليه حجّ الإفراد اتّضح وجه ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني من أن تخصيص الحكم بمن لم يتعيّن عليه الإفراد بعيد عن ظاهر النص (١) ، وذلك فإنّ ممن صحبه عليهالسلام ذلك العام كان قد وجب عليه حج الإفراد فأحرم له ، كما هو الفرض ، وقد أُمر بالعدول ، ولا يكاد يظهر فرق بينه وبين سائر من وجب عليه من أهل مكة وغيرهم ، لاشتراكهم قبل نزول التمتع في كون الواجب عليهم حج الإفراد.
اللهم إلاّ أن يقال : إن الأخبار الدالة على أن فرض أهل مكة الإفراد تعمّ محل النزاع ، فيشكل الخروج عنها بمجرّد أخبار المسألة :
أمّا المعتبرة المستفيضة منها فلأنها أيضاً عامة ، والتعارض بينها وبين تلك الأخبار تعارض العموم والخصوص من وجه ، يمكن تخصيص كلّ منهما بالأُخرى ، وحيث لا ترجيح فالأخذ بالمتيقن واجب.
وأما الأخبار بأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلأنها لا عموم لها تشمل محل البحث صريحاً ؛ لأنها قضية في واقعة ، فيجب الأخذ بالمتيقن منها ، وليس إلاّ من وجب عليه الحج وهو ناءٍ ، وهو غير من وجب عليه وهو حاضر ، وعدم ظهور الفرق غير ظهور عدم الفرق ، وهو المعتبر دون الأول.
فإذاً الأولى والأحوط الاقتصار في العدول على من لم يتعيّن عليه الإفراد بنذر وشبهه ، كما عليه جماعة.
__________________
(١) المسالك ١ : ١٠٢.