وما ورد في الصحاح وغيرها من الوجوب على من أطاق المشي من المسلمين (١) فلشذوذها وندرتها محمولة على من استقرّ عليه فأخّره ، أو التقية عن رأي مالك القائل به (٢) كما مرّت إليه الإشارة أو الاستحباب ، كما ذكره شيخ الطائفة (٣) ، ولا يخلو عن مناقشة.
والجمع بين هذه النصوص والسابقة ، بحملها على الغالب من توقف الاستطاعة على الزاد والراحلة ، دون هذه ، فتحمل على المتمكن ولو من دونهما كما اتّفق لبعض المتأخّرين ـ (٤) وإن كان في حدّ ذاته حسناً ، إلاّ أنّه فرع التكافؤ المفقود بما عرفت من شذوذ الأخبار الأخيرة ، ومخالفتها الإجماعات المحكية حدّ الاستفاضة ، المعتضدة بالأصل ، والشهرة العظيمة بين الخاصة والعامة ، وظاهر الآية الكريمة على ما عرفته.
نعم ، يجب الاقتصار فيما خالف الأخبار الأخيرة على قدر ما اجتمعت فيه المرجحات المزبورة ، وهو البعيد المحتاج في قطع المسافة إلى راحلة خاصة ، وأما غيره من القريب والمكّي الغير المحتاجين إليها ، فينبغي العمل فيهما بما تضمنته الأخبار الأخيرة ، وبه أفتى أيضاً جماعة ومنهم الشيخ في المبسوط والفاضل في المنتهى والتذكرة (٥) كما قيل (٦).
ويمكن تنزيلها كإطلاق الأكثر عليه أيضاً ، زيادةً على ما عرفته ، جمعاً.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٤٣ أبواب وجوب الحج ب ١١.
(٢) بداية المجتهد ١ : ٢٣١.
(٣) انظر التهذيب ٥ : ١١.
(٤) المدارك ٧ : ٣٧.
(٥) المبسوط ١ : ٢٩٨ ، المنتهى ٢ : ٦٥٢ ، التذكرة ١ : ٣٠١.
(٦) المدارك ٧ : ٣٦.