تواترها ، كما صرّح به الحلّي ، وزاد على هذا الدليل فقال ولنعم ما قال ـ : ثم فعل الرسول والأئمة عليهمالسلام يدل على ما اخترناه وشرحناه ؛ لأن الحج في القرآن مجمل ، وفعله عليهالسلام إذا كان بياناً للمجمل جرى مجرى قوله ، والبيان في حكم المبيّن ، ولا خلاف أنه عليهالسلام رمى الجمار ، وقال : « خذوا عني مناسككم » (١) فقد أمرنا بالأخذ ، والأمر يقتضي الوجوب عندنا إلى أن قال ـ : وأيضاً دليل الاحتياط يقتضيه ؛ لأنه لا خلاف بين الأُمة أن مَن رمى الجمار برئت ذمته من جميع أفعال الحج ، والخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار (٢). انتهى.
ولا معارض لهذه الأدلة سوى الأصل إن جوّزنا جريانه في نحو المقام ، وهو مخصَّص بالأوامر ، وإلاّ فليس بمعارض أيضاً.
وأما التشكيك في دلالتها على الوجوب في أخبارنا في الذخيرة (٣) ، فممّا لا ينبغي الإصغاء إليه ، ولا العروج في مقام التحقيق عليه ؛ لضعفه من أصله كما بيّن في الأُصول مستقصى ، ولا سيّما هنا ، لفهم الأصحاب إياه منها ، وهو أقوى قرينة عليه ، كما صرّح به نفسه مراراً ومنها المقام ، ولكن في موضع منها ، ولكن رجع عنه أخيراً.
ونحوه في الضعف تشكيكه في وجوب التأسّي ، وتخصيصه بما إذا علم وجهه لا مطلقاً ، فإنه مسلّم في غير ما وقع بياناً للمجمل ، وأما فيه فلا ، وخصوصاً في الوضوء والصلاة والحج ، لورود الأمر به فيها ، زيادةً على الدليل الاعتباري المبيَّن في الأُصول مفصّلاً.
وأما القدح في دلالة النص هنا على الوجوب بأنه يدل على وجوب
__________________
(١) عوالي اللئلئ ٤ : ٣٤ / ١١٨ ، المستدرك ٩ : ٤٢٠ أبواب الطواف ب ٥٤ ح ٤.
(٢) السرائر ١ : ٦٠٧.
(٣) الذخيرة : ٦٨٠.