وحكي العمل بها عن جملة من القدماء ، كالشيخ في أحد قوليه والقاضي والصدوق والحلّي (١).
لكن القاضي لم يذكر الجهر ، بل نفس التلبية ، أخذاً بظاهر الأخبار المطلقة.
والصدوق والحلّي استحبّا الإسرار بها قبل البيداء والجهر فيها ، وهو ظاهر العبارة وما ضاهاها.
والظاهر أنه لاعتبار المقارنة عندهم ؛ أخذاً بما دلّ على عدم جواز التجاوز عن الوقت بغير إحرام ، فحملوا الأخبار على الإجهار.
وبذلك صرّح في المنتهى هنا ، حيث قال بعد الحكم باستحباب الإجهار : وهذا يكون بعد التلبية سرّاً في الميقات الذي هو ذو الحليفة ؛ لأن الإحرام لا ينعقد إلاّ بالتلبية ، ولا يجوز مجاوزة الميقات إلاّ محرماً (٢).
ونحو الفاضل المقداد في التنقيح (٣).
ورجّحه في المسالك ، قال : فتكون هذه التلبية غير التي يعقد بها الإحرام في المسجد (٤).
أقول : ولا ريب أنه أحوط وإن كان في تعيّنه نظر ؛ فإن من الصحاح ما لا يقبل الحمل على الجهر إلاّ بتكلّف بعيد كما مرّ.
ولو حجّ من غير طريق المدينة لبّى من موضعه إن شاء ، وإن مشى
__________________
(١) الشيخ في المبسوط ١ : ٣١٦ ، القاضي في المهذب ١ : ٢١٦ ، الصدوق في الهداية : ٥٥ ، الحلي في السرائر ١ : ٥٣٥.
(٢) المنتهى ٢ : ٦٧٩.
(٣) التنقيح ١ : ٤٥٩.
(٤) المسالك ١ : ١٠٨.