وفيهما ضعف من حيث السند وإن قرب الأول من الموثق وإجمال في الدلالة ؛ لتدافع ظهور الأمر في الوجوب فيهما وقضاء حجّة الإسلام في الأول ، وإلحاق الناصب بمحل الفرض في الثاني في العدم ، بل الثاني أقوى قرينة على إرادة الاستحباب ؛ للإجماع على عدم وجوب الإعادة على الناصب بعد الاستبصار.
فلا يخرج بمثل هذين الخبرين مع ما هما عليه ممّا عرفت في البين عما اقتضته الأدلّة السابقة ، من عدم وجوب الإعادة بعد الاستطاعة.
وإن أمكن المناقشة في دلالة الصحيحة عليه ؛ لابتنائها على كون المراد من قوله : « حجّة تامة » ذلك ، وليس بواضح وإن كان مما اتّفق عليه أكثر الأصحاب لقرب احتمال ما ذكره في الاستبصار في معناه ، من أنّ المعنى فيه : الحجّة التي ندب إليها ، فإنّ ذلك يعبّر عنها بأنّها حجّة الإسلام ، من حيث كانت أول الحجّة ، قال : وليس في الخبر : أنّه إذا أيسر لم يلزمهالحجّ (١).
أقول : ويعضده كثرة وروده في الأخبار بهذا المعنى ، ومنها صحيحة أُخرى لراوي الصحيحة واردة في المعسر يحجّ عن غيره ، وفيها : عن رجل حجّ عن غيره ، أيجزيه ذلك عن حجّة الإسلام؟ قال : « نعم » إلى أنّ قال : قلت حجّة الأجير تامة أو ناقصة؟ قال : « تامة » (٢).
والمراد بالتمامية فيها : المعنى المزبور ، بلا خلاف ، كما في كثير من العبارات (٣) ، بل في جملة أُخرى دعوى الإجماع.
__________________
(١) الاستبصار ٢ : ١٤٤.
(٢) الكافي ٤ : ٢٧٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٦٠ / ١٢٦٤ ، التهذيب ٥ : ٨ / ١٩ ، الإستبصار ٢ : ١٤٤ / ٤٧١ ، الوسائل ١١ : ٥٦ أبواب وجوب الحجّ ٢١ ح ٤.
(٣) راجع الذخيرة : ٥٦١.