وارتفاع المشقة ، وليست بعبارة عن مجرد القدرة ، الا ترى أنّهم يقولون ما أستطيع النظر إلى فلان ، إذا كان يبغضه ويمقته ويثقل عليه النظر إليه وإن كان معه قدرة على ذلك ، وكذا يقولون : لا أستطيع شرب هذا الدواء ، يريدون إنّني أنفر منه ويثقل عليّ ، وقال الله تعالى( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) (١) وإنّما أراد هذا المعنى لا محالة (٢).
ونحوه عبارة ابن زهرة في الغنية ، إلاّ أنّه أثبت بذلك النفقة ذهاباً وإياباً ، وألحق مفروض المسألة بها بالإجماع المركب ، فقال : وإذا ثبت ذلك ثبت اعتبار العود إلى كفاية ؛ لأنّ أحداً من الأُمة لم يفرّق بين الأمرين (٣).
وفيه إشعار بل ظهور بصدق الاستطاعة مع عدم الرجوع إلى كفاية.
وهو عند الأحقر محل مناقشة ؛ لعدم صدقها عرفاً وعادةً بلا شبهة ، بل ولغة ، كما عرفته من كلام المرتضى ، وحينئذٍ فظاهر الآية مع القدماء ، لا عليهم.
سلّمنا ، لكنها كالنصوص مقيّدة بما مرّ من الأدلّة ، سيّما وأنّ النصوص لم يقل بإطلاقها أحد من علمائنا ؛ لخلوّها من اعتبار النفقة رأساً ، بل اكتفت بما يحجّ به والزاد والراحلة ، كما عليه العامّة يومئذ (٤) على ما يستفاد من الرواية الأخيرة برواية الشيخين ، ولأجل ذلك يتقوى احتمال ورودها للتقية.
وبالجملة : فما ذكره القدماء لا يخلو عن قوة واختاره خالي العلاّمة ـ
__________________
(١) الكهف : ٦٧ ، ٧٢ ، ٧٥.
(٢) الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٨.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٣ ، ٥٧٤.
(٤) راجع بدائع الصنائع ٢ : ١٢١ ، والمغني والشرح الكبير ٣ : ١٦٥ ، ١٦٧.