وجعلك أعمى لا تعلم هاد أنت أم ضالّ ، وسأخبرك علام اقاتلك وأصحابك : لقد أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن اقاتل الناكثين وقد فعلت ، وأمرني أن اقاتل القاسطين فأنتم هم ، وأما المارقون فما أدري أدركهم أم لا؟
أيها الأبتر! ألست تعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ : «من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» وأنا مولى الله ورسوله وعليّ بعده ، وليس لك مولى ....
فقطع عمرو كلام عمّار وقال له : يا أبا اليقظان لم تشتمني ولست أشتمك؟
فقال عمّار : وبم تشتمني؟ أتستطيع أن تقول : إني عصيت الله ورسوله يوما قط؟!
فقال عمرو لعمّار : إنّ فيك لمسبّات سوى ذلك!
فقال عمّار : إنّ الكريم من أكرمه الله (نعم) كنت وضيعا فرفعني الله ، ومملوكا فأعتقني الله ، وضعيفا فقوّاني الله ، وفقيرا فأغناني الله! (وكان عمرو يكنّي له عن ذلك!).
فقال عمرو : فما ترى في قتل عثمان؟ قال : فتح لكم باب كلّ سوء! قال عمرو : فعليّ قتله؟ قال عمّار : بل الله قتله وعليّ معه! قال عمرو : أكنت فيمن قتله؟ قال : كنت «مع» من قتله وأنا اليوم اقاتل معهم! قال عمرو : فلم قتلتموه؟ قال عمّار : أراد أن يغيّر ديننا فقتلناه! فالتفت عمرو إلى أصحابه وقال لهم : ألا تسمعون؟ قد اعترف بقتل عثمان! (هذا ولم يقل : أنا ممّن قتله ، وإنما : مع من قتله).
فقال عمّار : وقد قالها قبلك فرعون : (أَلا تَسْتَمِعُونَ)(١).
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٥.