وفي يوم الجمعة لم يوقفوا القتال في الثالث من صفر ، وخرج إليهم عمّار بن ياسر في قبيل من خيل العراق ، وخرج إليه عمرو بن العاص (١) وهو على كل خيول أهل الشام (٢) أو كان عمّار على الرجّالة (٣) وخرج معه على الخيل زياد بن النضر الحارثي الهمداني.
فلمّا دنا عمّار منهم ناداهم : يا أهل الشام! أتريدون أن تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما وبغى على المسلمين وظاهر المشركين ، فلما أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتى النبيّ صلىاللهعليهوآله فأسلم ، وهو والله فيما يرى راهب غير راغب! وقبض الله رسوله صلىاللهعليهوآله وإنّا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودّة المجرم؟ ألا وإنه معاوية فالعنوه وقاتلوه ، فإنّه ممّن يطفئ نور الله ويظاهر أعداء الله!
ثمّ أمر زياد الحارثيّ أن يحمل بخيله على خيل ابن العاص فحمل عليهم ، وشدّ عمّار في الرجّالة معه عليه فأزال ابن العاص عن موقفه ، ثمّ تصابروا ، ثمّ تراجعوا (٤).
وفي يوم السبت الرابع من صفر خرج محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية) في جمع عظيم ، وخرج إليه عبيد الله بن عمر في جمع عظيم من خيل معاوية ، فتقاتلوا قتالا شديدا. وأرسل عبيد الله إلى ابن الحنفية : أن اخرج إليّ أبارزك. فخرج إليه ماشيا ، وكان الإمام عليهالسلام يبصر الموقف فبصر به فسأل عنه فاخبر به ، فأدركه ودعاه ونزل عن فرسه وطلب منه أن يمسك الفرس ، ثمّ مشى إلى عبيد الله وقال له : أنا أبارزك فهلمّ إليّ! فقال : ليس لي حاجة في مبارزتك! ورجع عنه ، فرجع عنه علي عليهالسلام.
__________________
(١) وقعة صفين : ٢١٤.
(٢) وقعة صفين : ٢١٣.
(٣) وقعة صفين : ٢٠٨.
(٤) وقعة صفين : ٢١٤ ، ٢١٥.