فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك لائمة ويأتي به دناءة! وأنّى هذا وكيف يكون هكذا؟! هذا يقاتل اثنين وهذا ممسك يده قد خلّى قرنه على أخيه هاربا منه أو قائما ينظر إليه! ومن يفعل هذا يمقته الله فلا تعرّضوا لمقت الله فإنما مردّكم إلى الله. (وقد) قال الله لقوم : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً)(١) وايم الله لئن فررتم من سيف العاجلة فلا تسلمون من سيف الآخرة! استعينوا بالصدق والصبر ، فإنه بعد الصبر ينزل النصر» (٢) ، اللهم إليك نقلت الأقدام ، وإليك أفضت القلوب ورفعت الأيدي ومدّت الأعناق وطلبت الحوائج وشخصت الأبصار ، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. وكانوا يدقّون الطبول ويقولون : عليّ المنصور (٣).
وخطب عبد الله بن بديل الخزاعي أصحابه فقال لهم : إنّ معاوية ادّعى ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحق ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، وزيّن لهم الضلالة ، وزرع في قلوبهم حبّ الفتنة ، ولبّس عليهم الأمر. قاتلوا الطّغام الجفاة ولا تخشوهم ، وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربّكم ظاهر مبرز : (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)(٤) وقد قاتلناهم مع النبيّ مرّة وهذه ثانية ، فو الله ما هم بأزكى ولا أتقى ولا أبرّ! قوموا إلى عدوّ الله وعدوّكم (٥).
__________________
(١) الأحزاب : ١٦.
(٢) وقعة صفين : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، والكافي ٥ : ٣٩ ، والإرشاد للمفيد ١ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٢١٠ مرسلا.
(٤) التوبة : ١٣ ـ ١٤.
(٥) وقعة صفين : ٢٣٤.