البيض لا يرى منهم إلّا الحدق. وخرج إليهم من أهل الشام نحوهم في العدد فاقتتلوا بين الصفين حتّى قتلوا جميعا! وكان في صفّين تلّ تلقى عليه جماجم الرجال فكان يدعى تلّ الجماجم (١).
وكانت ربيعة من بكر بن وائل ، ومنها عبد القيس ، فلما خاف أمير عبد القيس : زياد بن خصفة العبدي الهلاك على ربيعة ، قال لقومه : إن ذا الكلاع وعبيد الله أبادا ربيعة فانهضوا لهم وإلّا هلكوا ولا بكر بعد اليوم! فركبت عبد القيس وجاءت كأنها غمامة سوداء فشدّت إزاء الميسرة وعظم القتال (٢).
فقابل أهل الشام هذه النجدة البكرية بأن شدّ الأشعريون وجذام وعكّ ولخم على بكر بن وائل ومذحج معهم ، فنادى منادي مذحج : يا آل مذحج عليكم بسوقهم! فأغراهم بسوق القوم فكان بوارهم (٣).
وكان من ذوي البصائر مع علي عليهالسلام من حمير رجل يدعى أبا شجاع ، فنادى ذا الكلاع : يا ذا الكلاع! إن كنا نرى أن لك نيّة في الدين! يا معشر حمير! أترون معاوية خيرا من علي! أضلّ الله سعيكم وتربت أيديكم! وعرفه ذو الكلاع فأجابه : إيها أبا شجاع ، والله فاعلمن : ما معاوية بأفضل من علي! ولكن إنما اقاتل على دم عثمان! فشدّ عليه خندف بن بكر البكري في المعركة فقتله ، ثمّ حمله إلى
__________________
(١) وقعة صفين : ٢٩٠ و ٢٩٣ وفيه هنا : كان المنادي الشامي ينادي : ألا إنّ معنا الطيّب ابن الطيّب ، يعني عبيد الله بن عمر ، والمنادي العراقي ينادي : ألا إن معنا الطيّب ابن الطيّب ، يعني محمد بن أبي بكر! وقد مرّ خبر إرسال الإمام له من الكوفة إلى مصر وعزل قيس بن سعد الأنصاري ، اللهمّ إلّا أن يقال : معنا أي في الرأي والهوى ، وهو بعيد.
(٢) وقعة صفين : ٢٩٧.
(٣) وقعة صفين : ٣٠١.