عمره التسعين ، وإن الحربة لترعد في يده (١) ، ومع ذلك قاتل قتالا شديدا ، ثمّ رجع يستريح ساعة ، فاتي بلبن فضحك وقال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة (أو : ضياح (٢)) من لبن ثمّ تموت (٣) ثمّ قال لمن حوله : ادفنوني في ثيابي فإنّي مخاصم (٤).
وكان لواء الحرب مع هاشم بن عتبة الزهريّ المرقال ، وكان عالما بفنون الحرب ، فكان يتقدّم لمراكز الراية حسب علمه وخبرته ، ولكن عمارا كان يستعجل به ويعجّل عليه ويقول له : احمل فداك أبي وأمي! حتّى قال له هاشم : يا أبا اليقظان ، رحمك الله ، إنك رجل تأخذك خفّة في الحرب ، وإنّما زحفت باللواء زحفا أرجو أن أنال بذلك حاجتي ، وإني إن خففت (أسرعت) لم آمن الهلكة! ومع ذلك ما زال عمار يستعجل به ويعجّل عليه حتّى قتل هاشم شهيدا (٥).
وحمل عمّار على صفوف أهل الشام وهو يرتجز ويقول :
كلّا وربّ البيت لا أبرح أجي |
|
حتّى أموت أو أرى ما أشتهي |
أنا مع الحقّ أحامي عن عليّ |
|
صهر النبيّ ذي الأمانات الوفي |
نقتل أعداه وينصرنا العلي |
|
ونقطع إلهام بحدّ المشرفي |
والله ينصرنا على من يبتغي |
|
ظلما علينا جاهدا ما يأتلي |
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٣١٧ ، الحديث ٣٨٦.
(٢) الضياح : اللبن الواضح اللون لكثرة مائه.
(٣) اختيار معرفة الرجال : ٣٣ ، الحديث ٦٤.
(٤) اختيار معرفة الرجال ٣٣ ، الحديث ٦٣.
(٥) وقعة صفين : ٣٤٠ عن الشعبي ، وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣١٨ ، الحديث ٣٨٨ عن الواقدي.