وجاءه جوابهم : «أما بعد ، فإنك لم تغضب لربّك ؛ إنما غضبت لنفسك! فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة ، نظرنا فيما بيننا وبينك ، وإلّا فقد نابذناك على سواء (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ)» (١).
وروى البلاذري ، عن أبي مخنف ، عن ابن هلال عن رجل من عبد قيس البصرة كان معهم ثمّ فارقهم قال : كتب الإمام عليهالسلام إليهم : «أما بعد ، فإني اذكّركم أن تكونوا (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً)(٢) بعد أن أخذ الله ميثاقكم على الجماعة وألّف بين قلوبكم على الطاعة ، وأن تكونوا (كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ)(٣)».
فكتب إليه ابن وهب : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(٤) إنّ الله بعث محمّدا بالحقّ وتكفّل له بالنصر ليبلّغ رسالاته ، ثمّ توفّاه الله إلى رحمته ، وقام بالأمر بعده أبو بكر بما قد شهدته وعاينته ، متمسكا بدين الله مؤثرا لرضاه حتى أتاه أمر ربّه ، فاستخلف عمر ، فكان من سيرته ما أنت عالم به ، لم تأخذه في الله لومة لائم ، وختم الله له بالشهادة. وكان من أمر عثمان ما كان حتّى سار إليه قوم فقتلوه لمّا آثر الهوى وغيّر حكم الله.
ثمّ استخلفك الله على عباده ، فبايعك المؤمنون إذ كنت عندهم أهلا لذلك ، لقرابتك من الرسول ، وقدمك في الإسلام. ووردت صفين غير وان ولا مداهن ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٧٧ ـ ٧٨ عن أبي مخنف ، وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٦١ عن الشعبي مختصرا.
(٢) الروم : ٣٢.
(٣) آل عمران : ١٠٥.
(٤) الرعد : ١١.