يكذّب بكتاب الله ، لأن الله يقول في كتابه : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)(١) فلئن بلغني أنك تنظر في النجوم لاخلّدنك الحبس ما دام لي سلطان ، فو الله ما كان محمّد منجّما ولا كاهنا. وتكلّم في ذلك بكلام كثير (٢). وهذا هو ما رواه الصدوق بسنده ، عن عبد الله بن عوف الأزدي أنه قال : يا أمير المؤمنين ، لا تسر في هذه الساعة ، وسر بعد ثلاث ساعات يمضين من النهار. فقال له أمير المؤمنين : ولم؟
قال : لأنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضرّ شديد! وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كلّ ما طلبت!
فقال أمير المؤمنين : أتدري ما في بطن هذه الدابّة أذكر أم أنثى؟! قال : إن حسبت علمت!
فقال أمير المؤمنين : من صدّقك على هذا القول فقد كذّب بالقرآن! وتلا الآية ثمّ قال : ما كان محمّد صلىاللهعليهوآله يدّعي ما ادّعيت ، أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء ، والساعة التي من سار فيها حاق به الضرر؟ من صدّقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله في ذلك الوجه ، وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه ، وينبغي أن يوليك الحمد دون ربّه عزوجل! ومن آمن لك بهذا فقد اتّخذك من دون الله ضدّا وندّا!
ثمّ دعا فقال : اللهم لا طير إلّا طيرك ، ولا ضير إلّا ضيرك ، ولا خير إلّا خيرك ، ولا إله غيرك. ثمّ التفت إلى المنجّم وقال له : بل نكذّبك ونخالفك ونسير في الساعة التي نهيت عنها (٣).
__________________
(١) لقمان : ٣٤.
(٢) أنساب الأشراف ٢ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.
(٣) أمالي الصدوق : ٥٠٠ ، الحديث ١٦ م ٦٤.