أرباب سوء بعدي (كالناقة) الضروس تعضّ بفيها وتخبط بيديها وتضرب برجليها وتمنع درّها. وايم الله لا تزال فتنتهم حتى لا تكون نصرة أحدكم لنفسه إلّا كنصرة العبد السوء لنفسه من سيّده غاب سبّه سبّه وإذا حضر أطاعه ، وايم الله لو شرّدوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله لشرّ يوم لهم.
فقال الرجل : فهل من جماعة ـ يا أمير المؤمنين ـ بعد ذلك؟
فقال عليهالسلام : إنّكم ستكونون جماعة (متشتّتين) عطاؤكم وأسفاركم (للغزو) وحجّكم واحد ، والقلوب مختلفة! فقال أحدهم : وكيف تختلف القلوب؟ فشبّك أصابعه وقال : هكذا ، يقتل هذا هذا وهذا هذا هرجا هرجا ، ويبقى طغام جاهلية ، ليس فيها منار هدى ولا علم يرى! نحن أهل البيت منها بمنجاة ، ولسنا فيها بدعاة.
فقال الرجل : فما أصنع في ذلك الزمان؟
قال عليهالسلام : انظروا أهل بيت نبيّكم : فإن لبدوا (وأقاموا) فالبدوا ، وإن استنصروكم فانصروهم تنصروا وتعذروا ، فإنّهم لن يخرجوكم من هدى ولن يردّوكم في ردى ، ولا تسبقوهم فيصرعكم البلاء وتشمت بكم الأعداء!
قال الرجل : فما يكون بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال عليهالسلام : يفرّج الله البلاء برجل من أهل بيتي كانفراج الأديم ، يسومهم خسفا ، ويسقيهم بكأس مصبّرة ، ولا يعطيهم ولا يقبل منهم إلّا السيف هرجا هرجا ، يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر ، حتى تودّ قريش بالدنيا وما فيها أن يروني مقاما واحدا فاعطيهم وآخذ منهم بعض ما قد منعوني ، وأقبل منهم ما يردّه عليهم ، حتى يقولوا : لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا! يغريه الله ببني امية فيجعلهم تحت قدميه ويطحنهم طحن الرحى ، (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)(١).
__________________
(١) الأحزاب : ٦١ ـ ٦٢.