خربة خارج فسطاط ولعلّها من خرائب القرية القديمة للفراعنة «عين شمس» قبل الفسطاط بثلاثة فراسخ (ـ ١٦ كم) حيث قتل الأشتر قبله مسموما بعسل معاوية.
وخلا الجوّ للجور فأقبل ابن العاص ومعه ابن حديج بجمعهم نحو الفسطاط حتّى دخلوها بلا معارض.
ثمّ خرج ابن حديج بجمعه في طلب محمّد ، حتّى انتهى إلى جمع من الكفار النصارى الأقباط على قارعة الطريق فسألهم : أما مرّ بكم أحد تنكرونه؟ فقال له أحدهم : رأيت في تلك الخربة رجلا جالسا بها! فانطلقوا يركضون حتّى دخلوا الخربة واستخرجوه منها وكان قد ألقى سيفه ليختلط بالناس فلا يعرف (١) فأقبلوا به إلى الفسطاط وسبقه خبره.
وكان عبد الرحمن بن أبي بكر أخو محمد مع معاوية فصار مع ابن العاص إلى الفسطاط ، فلمّا سمع بخبر أخيه محمد قام إلى ابن العاص وسأله أن يبعث إلى ابن حديج ينهاه عن قتل محمد ، فقبل ابن العاص وأرسل إلى ابن حديج : أن ائتني بمحمد. ولكن ابن حديج لمّا سمع ذلك قال للرسول : قتلتم ابن عمّي كنانة بن بشر واخلّي لكم عن محمد؟ هيهات! ثمّ تلا الآية : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ)(٢) (ولكنه اجتمع به عند ابن العاص وعصى إلّا قتله).
وكان محمّد عطشانا يكاد يموت منه فقال لهم : اسقوني ماء! فقال له معاوية : لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا! إنّكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتّى قتلتموه ظامئا محرما (كذا؟!) والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر وأنت ظمآن فيسقيك الله من الحميم والغسلين!
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٣٠٨ خ ٤٨٦ ط ٢.
(٢) القمر : ٤٣.