بصبرة بن شيمان وقومه لنفسي ولبيت مال المسلمين ، فرحلت من قصر الإمارة فنزلت فيهم ، وإنّ الأزد معي ، و «شيعة» أمير المؤمنين من سائر القبائل تختلف إليّ ، وشيعة عثمان تختلف إلى ابن الحضرمي ، والقصر خال منّا ومنهم. فارفع ذلك إلى أمير المؤمنين ليرى فيه رأيه ، ويعجّل عليّ بالذي يرى أن يكون منه فيه ، والسلام.
فلمّا بلغ ذلك إلى ابن عباس رفعه إلى علي عليهالسلام فشاع ذلك في الناس.
وكان دار صبرة الأزدي قريبا من محلّة بني حدّان من بني تميم وكان لهم مسجد هناك ولم يوافقوا سائر بني تميم مع ابن الحضرمي ، فقال صبرة لزياد : ليس حسنا أن تكون مختفيا فينا بل نمشي بك إلى مسجد الحدّان ، ووافقه زياد ، فاتّخذ صبرة له منبرا وسريرا في ذلك المسجد وجعل له شرطا ، ولمّا كان يوم الجمعة صلّى بهم الجمعة هناك ، فاجتمعت الأزد على زياد فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم :
يا معشر الأزد ، أنتم كنتم (بالأمس) أعدائي فأصبحتم اليوم أوليائي وأولى الناس بي ، وإنّي لو كنت في بني تميم وكان ابن الحضرمي نازلا فيكم لم أطمع فيه أبدا ، فلا يطمع ابن الحضرمي فيّ وأنتم دوني ، وليس «ابن آكلة الأكباد» في بقيّة الأحزاب وأولياء الشيطان بأدنى إلى الغلبة من أمير المؤمنين علي في المهاجرين والأنصار ، وقد أصبحت فيكم مضمونا وأمانة مؤدّاة ، وقد رأينا وقعتكم «يوم الجمل» فاصبروا مع الحقّ اليوم كصبركم مع الباطل بالأمس ، فإنّكم لا تحمدون إلّا على النجدة ، ولا تعذرون على الجبن! وسكت.
فقام صبرة بن شيمان فقال لهم : يا معشر الأزد ، إنّا قلنا «يوم الجمل» : نمنع مصرنا ونطيع أمّنا وننصر خليفتنا المظلوم! فأنعمنا القتال ، وأقمنا بعد انهزام الناس حتّى قتل منّا من لا خير فينا بعده! وهذا زياد جاركم اليوم ، والجار مضمون! ولسنا نخاف من علي ما نخاف من معاوية! فهبوا لنا أنفسكم ، وامنعوا جاركم ، أو فأبلغوه مأمنه!